×

احتمالات تصويت الكتل في انتخابات الرئاسة الاميركية

احتمالات تصويت الكتل في انتخابات الرئاسة الاميركية

  بقلم د. منذر سليمان*

نفوذ الحزب الديموقراطي وتغلغله في مفاصل الحياة اليومية للولايات المتحدة لا ينكره احد، بل قد يكون فيه مبالغة بعض الشيء. الامر الذي دفع ببعض الاختصاصيين السياسيين قبل فترتين انتخابيتين الى تأليف كتاب – دليل يبشر فيه باتساع رقعة نفوذ ودعم الحزب، وصدر بعنوان “الاغلبية الديموقراطية الناشئة،” يحذر فيه من تشديد قبضة الحزب على مسار السياسة الاميركية. وبعد هزيمة المرشح الديموقراطي للرئاسة عام 2004، جون كيري، امام جورج بوش الابن، وبطلان نبوءات الدليل، سرعان ما ذهب الكتاب في غياهب النسيان. وبعد فوز باراك اوباما عام 2008، دبت الحياة في الكتاب مرة اخرى، ودار السجال حول صعود الحزب الديموقراطي للصدارة مجددا وعلى امتداد جيل كامل؛ وعلت اصوات الاستخفاف بالحزب الجمهوري ورؤيته كحزب أقلية مناطقية.

الاحداث والتطورات الدولية المتسارعة، منذ عام 2010، لا سيما الازمات المالية المتلاحقة، اسهمت في التشكيك بحتمية صعود الحزب الديموقراطي بوتيرة منتظمة. ان قراءة اولية لاستطلاعات الرأي المبكرة لهذا العام لا تدعم تمسك الحزب الديموقراطي باغلبية القاعدة الانتخابية، على الرغم من ان الحملة الانتخابية للرئيس اوباما تعول كثيرا على نفوذ الحزب القوي للفوز النهائي.

النظرية الاساسية للكتاب سالف الذكر تستند الى فرضية ان الوضع الديموغرافي المتغير كفيل بازاحة المحافظين عن مراكز السلطة ورفع الحزب الديموقراطي الى مصاف تمثيل الاغلبية لفترة طويلة قادمة. وعليه، تنبأ الكتاب بتدفق الناخبين من الاقليات المختلفة في عام 2012 للتصويت بشكل عارم لصالح الرئيس اوباما، لا سيما اولئك من اصول لاتينية، والليبراليين من البيض بمن فيهم قطاع المرأة، والناخبين من الشباب. الامر الذي من شأنه ان يطغى على كتل الناخبين الاخرين ممن يولون الوضع الاقتصادي اولوية اهتماماتهم.

وقد اثبتت النظرية المشار اليها نقصا في عدة جوانب، منها ان الناخبين سيتجاهلون الحالة الاقتصادية بخلاف المؤشرات التاريخية التي تؤكد ان الوضع الاقتصادي هو المؤشر الاكبر للاهتمامات عبر تاريخ الانتخابات الرئاسية برمتها. ولخص الامر احد مستشاري الرئيس الاسبق بيل كلينتون بقوله “انه الاقتصاد ايها الغبي،” الذي اضحى شعارا انتخابيا شائعا. النتائج الاولية لاستطلاعات الرأي لا تشذ عن القاعده اعلاه مما يدل على تضاؤل شعبية اوباما بين مؤيديه المفترضين، الا ان برزت عوامل كبرى ادت لتحسين الحالة الاقتصادية في الفترة القصيرة المقبلة.

الفرضية الخاطئة الاخرى التي استند اليها الحزب الديموقراطي هي العمل على قاعدة ثبات اولويات المجموعات الديموغرافية كما هي دون تغيير، الامر الذي تفنده كل التجارب التاريخية. ففي عقد السبعينيات من القرن المنصرم، بلغت ثقة الحزب الديموقراطي بالمراهنة على ثبات جيل الفئة العمرية من العشرين عاما في الصف الليبرالي مبلغا كبيرا. بل صوتت تلك الفئة انذاك لصالح الخصم، رونالد ريغان، وتشكل حاليا العمود الفقري لقاعدة المحافظين في الحزب الجمهوري.

الامر كثير الشبه لدى بعض الاقليات الاثنية. المنتمون لاصول ايرلندية وايطالية شكلوا كتلة انتخابية موحدة في السابق. في الوضع الراهن، اندمج معظم هؤلاء في كتلة الناخبين البيض الاوسع، وذات الامر ينطبق على المجموعة من اصول لاتينية لا سيما مع تزايد انخراطهم في الحصول على الجنسية الاميركية باعداد وفيرة. فالجيل الاول والاقدم من فئة الاصول اللاتينية لديه تطلعات واهتمامات تختلف كثيرا عن الجيل “الثالث” الصاعد، والذي يسعى للاندماج ايضا في المجتمع الاميركي كاقرانه الاخرين.

جدير بالذكر ايضا تجاهل الرئيس اوباما، بصفته رئيسا للحزب الديموقراطي، وحملته الانتخابية للبنود الاساسية الواردة في الكتاب – الدليل المذكور، خاصة في بلورته لمقولة ضرورة الاعتماد على الطبقة العاملة من البيض لضمان مستقبل الحزب الديموقراطي. المؤشرات تدل على ان نسبة كبيرة منهم قد هجرت الحزب الديموقراطي (نحو %32 الى 58%)، ولا يوجد ما يدل على سعي الحزب الجاد لاستقطابهم مرة اخرى قبل موعد الانتخابات الرئاسية في شهر نوفمبر المقبل.

استراتيجية اوباما السابقة استندت بشكل كبير الى تشكيل تحالفات متعددة مع اطياف عدة من التوجهات السياسية، اما راهنا فمن المشكوك به ان يحالفه النجاح لتشكيل تحالف انتخابي يستند الى الاقليات العرقية بموازاة الوضع الاقتصادي المتردي الذي يشكل اولوية لكافة الشرائح الانتخابية.

وعليه، ينبغي القاء نظرة موجزة على طبيعة الكتل الانتخابية المختلفة وميولها الانتخابية:

الناخبين العرب – الاميركيين:

تحديد الهوية العربية امر اساسي للتعرف على هذه الشريحة، اذ عرف نحو 62% من المستطلعة اراؤهم من اصول عربية بانتمائهم كمواطنين “عربا – اميركيين،” في الاستطلاعات التي اجريت عام 2010، مما يمثل زيادة بنحو 10% عما كان الامر عليه في عقد التسعينيات من القرن الماضي. وسعت استطلاعات اجريت عام 2011 الى التعرف على توجهاتهم الانتخابية، فجاءت نسبة من يميلون للحزب الديموقراطي نحو 50% من العرب – الاميركيين، و 25% يميلون للحزب الجمهوري، ونحو 23% ذو ميول مستقلة عن الحزبين.

بالمقارنة، اجرى “معهد زغبي” لاستطلاعات الرأي استمزاج اراء العرب الاميركيين في شهر ايلول / سبتمبر 2008، وكشف عن النتائج التالية:

1. تغيير الولاءات السياسية بين صفوفهم امر مستمر ودائم. التصنيفات الحزبية لعام 2000 جاءت 40% لصالح الحزب الديموقراطي مقابل 38% لصالح الحزب الجمهوري. حاليا، جاءت التصنيفات لتشير الى 46% ذو ميول نحو الحزب الديموقراطي، و 20% لصالح الحزب الجمهوري.

2. من بين المستطلعة اراؤهم، تفوق اوباما بنحو 21 نقطة على الخصم الجمهوري جون ماكين، 54 مقابل 33 نقطة. وعند حسبان مرشحين اخرين في المعادلة، رالف نادر مثلا، اختل الفارق بين الاولين الى 14 نقطة.

3. افاد العرب الاميركيون، في الاستطلاع، ان اولوية اهتماماتهم الاساسية هي: ايجاد فرص عمل وتحسن الحالة الاقتصادية، يتبعها مسائل الحرب في العراق، والسلام، والسياسة الخارجية، واخيرا الرعاية الصحية.

4. الفئة عينها اعربت عن عدم رضاها لسجل ادارة الرئيس السابق جورج بوش الابن، اذ بلغت نسبة التأييد له بينها نحو 23%، ودعمها السياسات الاقتصادية تدنى لنسبة 19%، اما السياسة الخارجية فبلغ تأييدها نحو 31%.

5. الولايات الاميركية الخمس، التي عادة ما يكون لها وزن حاسم في الانتخابات الرئاسية: ميتشيغان وفلوريدا واوهايو وبنسلفانيا وفرجينيا؛ يقطنها عدد لا بأس به من العرب الاميركيين، نحو 30% من مجموع الجالية العربية. ويتراوح الثقل العربي في ميزان الانتخابات من 5% في ولاية ميتشيغان الى نحو 1,5% في ولاية بنسلفانيا.

الناخبون السود:

لا يتوقع احدا ان يكون بوسع المرشح الجمهوري، ميت رومني، القدرة على منافسة الرئيس اوباما لكسب اصوات هامة او كتل صغيرة من اصوات السود الاميركيين. اذ ان السواد الاعظم منها، نحو 90%، عادة ما يدلون باصواتهم لصالح الحزب الديموقراطي، تاريخيا، لكنهم كانوا اشد تكتلا في جولة الانتخابات السابقة اذ حصد اوباما (2008) نحو 98% من اصواتهم. ومن الصعب الجزم بتآكل او تلاشي قاعدة الدعم بهذه السرعة القياسية، على الرغم من تفشي حالة الاحباط بين افرادها نتيجة نكث اوباما لوعوده الانتخابية.

العامل الحاسم، وربما الطاغي، في الجولة السابقة كان لمجرد التفكير بامكانية صعود رجل ذات اصول افريقية الى سدة الرئاسة، مما حفز الشعور بالانتماء الجمعي وضرورة مساندة احد اقرانهم، الامر الذي لعب دورا حاسما في كسب اوباما ولايتي فرجينيا ونورث كارولينا آنذاك. اختلفت مشاعر الجالية السوداء ولم تعد يحركها الحماس الغريزي السابق وانكفاء شرائح كبيرة منها عن اوباما ايذانا بما قد يمكن رومني الاستفادة لصالحه من تخلف الناخبين عن المشاركة باعداد كبيرة في بعض الولايات الحساسة.

الجالية ذات الاصول اللاتينية – الاسبان:

استنادا الى تواجدها الكثيف في ثلاثة ولايات محورية، كولورادو وفلوريدا ونيو مكسيكو، فان اصوات الجالية المذكورة اضحت بالغة الاهمية. وتشير التقديرات الاولية الى ان نسب الكثافة السكانية في الولايات المذكورة كالتالي: كولورادو – 8.7%؛ فلوريدا – 18.3%، نيو مكسيكو – 35% من مجموع الكتل الانتخابية.

في الجولة الانتخابية السابقة، 2008، صوت نحو 68% من تلك الجالية لصالح الرئيس اوباما. لكن احدث استطلاعات الرأي تشير الى بعض التصدع في شعبية اوباما، اذ انخفضت الى 61% بين صفوف تلك الشريحة، كما انها تشاطر نظيرتها الجالية السوداء بتدني مستوى الحماس لدعم اوباما – ايضا بسبب نكوثه بوعوده الانتخابية. وعلى سبيل المثال، اعرب نحو 68% منهم عن رغبتهم في المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مقارنة مع 81% من المشاركة سابقا.

ميت رومني، بالمقابل، يحظى بدعم كتلة لا تتعدى 27% من اصوات الشريحة المذكورة. وتأمل حملته الانتخابية ان لا تتجاوز نسبة دعم اوباما بينها 60%، كما حصل سابقا (2004) بين جورج بوش الابن والمرشح الديموقراطي جون كيري. ان استطاع رومني الحفاظ على تلك النسب الحرجة بين صفوف الجالية المذكورة، فقد يفوز باغلبية الصوت الجمهوري في الولايات المصنفة حساسة للفوز النهائي.

اغلبية اصوات الجالية من اصول لاتينية ابعد ما تكون محسومة في هذا الظرف المبكر، لكن محاولات رومني لاختراق الكتلة الصلبة بينها امر غير مستبعد، خاصة في ولاية حرجة مثل فلوريدا التي يروج فيها الحزب الجمهوري لشاب صاعد من اصول كوبية، النائب مارك روبيو، والتلويح بمنصب نائب الرئيس له.

اصوات اليهود:

من الثابت راهنا ان اغلبية اصوات اليهود تدعم ترشيح الرئيس اوباما، على الرغم من انتشار الشائعات عن خفض دعم ادارته “لاسرائيل” بغية ابتزاز المرشح الرئاسي ايا يكن ولاؤه السياسي. لكن من الملاحظ ان تصدعا ما اصاب الناخبين اليهود في مستوى دعم اوباما، لظروف اقتصادية بحتة، وليس بسبب الموقف من “اسرائيل.”

في احدث استطلاعات الرأي بين صفوف اليهود الاميركيين، اجري بين 23 شباط و 5 آذار العام الجاري، اشار الى محافظة اوباما على مستوى دعم راسخ بين اليهود اعلى من مثيله بين الكتل الانتخابية الاخرى، اذ بلغ نحو 62%، مقابل 30% يميلون لصالح المرشح الجمهوري. وتجدر الاشارة الى ان نحو 78% من اصوات اليهود حصدها اوباما في الجولة السابقة، عام 2008، مما يؤشر على امكانية فوزه في ولايتي نيويورك وكاليفورنيا، حيث الكثافة اليهودية، وعدم الجزم بفوزه في ولاية فلوريدا.

في لحظة الاستقطاب الحاسم، لا يجوز اغفال قدرة ميت رومني على حصد نسبة اكبر من اصوات اليهود. اذ من بين نسبة الدعم السابقة، 30% من اليهود لصالح المرشح الجمهوري، اعرب نحو 58% منهم عن دعم ميت رومني مقابل 15% لصالح المرشح اليميني ريك سانتورم الذي اعلن انسحابه لاحقا، وتوزع ما تبقى من النسب على المرشحين الاخرين، نيوت غينغريتش ورون بول. وعند الاجابة على سؤال ما هي اهم الاولويات بالنسبة للناخب اليهودي، اعرب نحو نصف المستطلعة اراؤهم من اليهود عن اعتبار الحالة الاقتصادية في الصدارة؛ فيما اعرب نحو 15% منهم اتساع الشرخ الاقتصادي بين الاغنياء والفقراء من الاولويات، وهو المسألة المركزية في حملة الرئيس اوباما.

اما القلق بشأن مصير “اسرائيل” او الجدل حول ايران فقد انخفضا الى مرتبة متدنية، خاصة عند استفسار المستطلعة اراؤهم عن الادلاء بموضوع يحتل المرتبة الثانية من بين اهتماماتهم. وفيما يخص العلاقات بين الولايات المتحدة و”اسرائيل،” اعرب نحو 54% من الناخبين اليهود عن ثبات مستوى العلاقة الى عهودها السابقة، مقابل 37% اعربوا انها اضحت اسوأ من ذي قبل، بينما اعرب 7% منهم عن رصد تطور افضل بينهما. وفيما يخص سياسة اوباما نحو مسألة “الصراع العربي-الاسرائيلي،” اعرب 15% فقط عن تأييدهم لسياسته مع التحفظ على آليات التطبيق، مقابل 28% اعربوا عن رفضهم لسياسة اوباما، والقسم الاعظم 36% اعرب عن عدم تيقنه من البوح بارائه.

الجالية الاسيوية:

اجمالا، تشكل الجالية الاسيوية نسبة متواضعة من الثقل الانتخابي العام، الا ان دورها قد يتعاظم في ولايتي نيفادا وفرجينيا، رغم التجاهل الاعلامي لها. وعليه، من الصعب التنبؤ بما ستؤول اليه ميول الجالية الانتخابية.

احد استطلاعات الرأي بين افراد الجالية الاسيوية اشار الى ان 56% منهم تدعم المرشح الجمهوري ميت رومني، مقابل 44% لخصمه الديموقراطي. كما اعرب نحو 53% منهم عن اعتقادهم ان ميت رومني هو الافضل في الشق الاقتصادي مقابل 47% لصالح اوباما، وامتناع نحو 4% عن الادلاء برأيهم.

شهدت ولاية فرجينيا نموا ملحوظا لتعداد الجالية الاسيوية. واستنادا الى الاحصاءات السكانية المركزية، 2000 – 2010، افادت ان حجم الجالية تضاعف عدديا في تلك الفترة؛ وتشكل نحو 6.5% من مجموع سكان الولاية. كما ان كثافتهم السكانية في الولايات “الحاسمة” الاخرى شهد ارتفاعا موازيا: كولورادو – 3.7%؛ بنسلفانيا – 3.2%؛ نورث كارولينا – 2.6%؛ ايوا – 2.1%؛ واوهايو – 2.1%.

كتلة مناصري حمل السلاح:

توجهات تلك الكتلة الانتخابية كانت تصب في صالح المرشح اليميني والاكثر محافظة من اقرانه، عادة ما يكون من صفوف الحزب الجمهوري. وللكتلة نفوذ واسع وتأثير ملحوظ على اعضاء الكونغرس بمجلسيه ويعد تجاهل الكتلة مغامرة سياسية قد تؤدي لنتائج كارثية. في الحملة الانتخابية السابقة، شكلت الكتلة المذكورة احد الاقطاب الرئيسية المناهضة للرئيس اوباما، ولم تزل ثابتة على مواقفها اليمينية. اما فيما يتعلق بدعمها المفترض للمرشح الجمهوري ميت رومني، فلا تزال علاقتها به فاترة بعض الشيء نظرا لسجله ابان فترة ولايته كحاكم لولاية ماساتشوستس والتي نأى بنفسه عن دعم صريح لما يعرف “بالمادة الثانية ” من التعديل الدستوري التي تتيح للفرد اقتناء السلاح.

تحديد ماهية الكتلة امر ليس باليسير نظرا لان العديد منهم يفضلون عدم الاقرار باقتنائهم السلاح. لكن الملاحظ ارتفاع عدد الافراد الذين اقدموا على شراء السلاح بمختلف انواعه، كاجراء احترازي تخوفا من فوز الرئيس اوباما لفترة ثانية. كما ان اجراءات التدقيق الفورية في هوية الشاري شهدت ارتفاعا ملحوظا، اضافة الى اقدام احد اكبر شركات تصنيع الاسلحة الفردية في الولايات المتحدة، ستيرم روغر، على وقف تسلم طلبات السلاح بسبب تراكم الطلب مقارنة مع شح كمية العرض. اذ تلقت الشركة نحو 2 مليون طلب للاسلحة الفردية خلال شهري كانون2 وشباط من العام الجاري.

وفي احد استطلاعات الرأي التي اجريت في شهر تشرين1 عام 2011، كشف فيه النقاب عن ارتفاع معدلات اقتناء السلاح بين ارباب البيوت. اذ اعرب نحو 41% من المستطلعة اراؤهم، عام 2010، عن امتلاكهم اسلحة فردية، مقارنة بنحو 47% في العام التالي.

الناخبين من سكان ضواحي المدن الرئيسة:

الناخبين الميسورين من هذه الفئة عادة ما يشكلون كتلة باستطاعتها ترجيح كفة احد المرشحين على خصمه، وفي هذه الحالة فهي تثير قلقا لدى حملة الرئيس اوباما. ففي عام 2008، فاز اوباما باصوات الكتلة بامتياز، لكن تأييدها له راهنا شهد بعض التصدع الملحوظ، لا سيما في ولايات حاسمة واساسية مثل ولاية اوهايو. المؤشرات الاولوية المطمأنة لاوباما تشير الى استمرار دعم تلك الفئة في ضواحي مدينة واشنطن العاصمة، ولا غرو في ذلك لا سيما وان عددا ضخما من فرص العمل في المنطقة المعنية تستند الى عقود واستشارات مرتبطة مباشرة بالحكومة المركزية. وعليه، ينظر لدور الكتلة من منظار حساس واساسي لفوز اوباما بولاية فرجينيا، التي يقطنها عدد لا باس به من افراد تلك الكتلة.

الازمة الاقتصادية تركت ثقلها على كافة مناحي الحياة والتجمعات السكانية، لا سيما سكان الضواحي المدينية منهم. الامر الذي يفسر الاسباب وراء كسب اوباما لضواحي واشنطن العاصمة، خاصة في الشطر المحاذي من ولاية فرجينيا، وخسارة الشريحة المقابلة في مدن ولاية اوهايو بسبب شح فرص العمل وتدهور المستويات المعيشية هناك.

كتلة المتشددين من المسيحيين الانجيليين:

نظرا لطبيعة توجهاتها السياسية والاجتماعية المحافظة، فهي عادة ما تنحو باتجاه تأييد المرشح اليميني. وعلى الرغم من اختلافها بالمذهب مع المرشح الجمهوري، ميت رومني، الذي ينتمي لطائفة “المورمون” المنبوذة من الكنيسة الانجيلية بشكل خاص، الا ان رومني حاز على دعم تلك الفئة. واشار احد احدث استطلاعات الرأي، اجري في شهر ايار المنصرم، ان الانجيليين البيض يميلون لتأييد رومني بنسبة 50% قبل الاستطلاع، وارتفعت النسبة الى 68% مقابل 19% لصالح الرئيس اوباما نتيجة الاستطلاع. وتجدر الاشارة الى ان دعم الرئيس اوباما حديثا لزواج المثليين يترجم بان الرئيس فقد الامل في التنافس للحصول على تأييد الكتلة المتدينة، او بعض منها.

الكتلة الانجيلية المذكورة ليست الكتلة الوحيدة التي يخسرها اوباما، اذ ان الكتلة الكاثوليكية ايضا، الميسورة وحسنة التنظيم ووفرة الموارد لديها، تشكل تحديا لاوباما. ففي انتخابات الجولة السابقة، عام 2008، شكل الكاثوليك نحو 27% من مجمل الصوت الانتخابي، والذي دعم اوباما بنسبة 54% مقابل 45% لخصمه. ونزلت الفأس على الرئيس بمجرد اقدامه، ووزيرة الصحة والخدمات الاجتماعية كاثلين سيبيليوس، على التصرف بمفاهيم تحدد “حرية الممارسة الدينية” بصيغة تستثني المؤسسات التابعة للكنيسة الكاثوليكية، مثل المستشفيات والمدارس الخاصة والمؤسسات الخيرية التي تعمل لصالح الكنيسة، من التصرف على انفراد بالانضمام او عدمه لبرنامج الرعاية الصحية العام. واشار استطلاع للرأي اجري في شهر نيسان المنصرم ان اوباما يحظى بدعم نحو 45% من اصوات الكاثوليك مقابل 50% لصالح خصمه ميت رومني. ترجمة الفارق في النسبة المئوية لصوت الكاثوليك يعادل نحو 3 مليون صوت، وهي كتلة لا يجوز الاستهانة بها او القفز عنها.

اصوات المسلمين الاميركيين:

تعداد الجالية الاسلامية في اميركا ليس كبيرا، رغم زعم بعض المتسلقين لزعامتها ان باستطاعتها ككتلة متراصة التاثير في نتائج الانتخابات المقبلة. اذ افاد تقرير لشبكة (سي ان ان) للتلفزة ان نسبة المسلمين المسجلين للمشاركة الانتخابي تبلغ 1 الى 100 من بين المواطنين الاميركيين، لكن اعدادهم تشهد نموا ملحوظا في بعض الولايات الحاسمة. واستنادا الى السجلات الانتخابية الرسمية، هناك نحو 1,2 مليون مواطن مسلم في عموم الولايات المتحدة.

واوضحت دراسة بعنوان “انخراط الاسلاميين الاميركيين” الى ان الكتلة الاسلامية في ولايتي فلوريدا واوهايو، بشكل خاص، شكلت نسبة ضئيلة في الكم الانتخابي العام. اذ بينما صوتت غالبية الاسلاميين لصالح جورج بوش الابن عام 2000، توزعت اصواتهم في الجولتين اللاحقتين لصالح المرشح الديموقراطي.

تشاطر هموم الجالية الاسلامية مثيلاتها الاخرى من مكونات المجتمع الاميركي، لا سيما لناحية الاولويات الرئيسية التي تتصدرها القضايا المعيشية الداخلية والحالة الاقتصادية بشكل عام. واشارت الدراسة الى انه كلما ارتفعت نسبة التدين بين المسلمين، ترجم ذلك الى اهتمام اكبر بالمشاركة الانتخابية؛ وعليه، فان دورهم الاجمالي في الولايات الحاسمة (بنسلفانيا وميتشيغان وفرجينيا) قد يرجح الكفة لصالح احد المرشحين، الرئيس اوباما او ميت رومني. وتشير استطلاعات الرأي المتعددة الى ميل المسلمين لتأييد الرئيس اوباما في الجولة المقبلة.

الناخبين البيض من الطبقة الوسطى:

عادة تشكل هذه الفئة الكتلة الانتخابية الاوسع من بين الكتل الاخرى المختلفة، لا سيما لنسبة التعليم العالي بين صفوفها ويسر احوالها الاقتصادية. وعليه، ليس من المرجح ان تصوت بقوة لصالح الرئيس اوباما على خلفية الوضع الاقتصادي المتعثر. في احدث استطلاعات الرأي اجرته شبكة (ايه بي سي) للتلفزة، افاد بصعوبة الوضع الاقتصادي لاوضاع الطبقة الوسطى من البيض وميلهم لدعم المرشح الجمهوري ميت رومني بنسبة عالية: 58 % مقابل 32% لصالح الرئيس اوباما. كما ان المرشح رومني يلقى دعما تلقائيا بين معظم الناخبين البيض بسبب الازمة الاقتصادية وفقدان عدد كبير منهم لفرص العمل في السنوات الاخيرة والانضمام الى الصفوف المتزايدة للعاطلين عن العمل.

الكتلة المشار اليها تملك نفوذا قويا في كافة الولايات دون استثناء، لا سيما في الولايات الحاسمة: بنسلفانيا واوهايو وويسكونسن وانديانا وفرجينيا.

في المحصلة العامة، بامكاننا القول ان استراتيجية حملة الرئيس اوباما الانتخابية نحو الكتل الانتخابية المتعددة قاصرة بعض الشيء، اذ ان عددا كبيرا من الكتل الانتخابية المختلفة تنظر بعين الرضا نحو المرشح الجمهوري، ميت رومني، خاصة في ظل استمرار حالة الركود الاقتصادي في اميركا. مرة اخرى “انه الاقتصاد ايها الغبي” الذي سيحسم النتيجة الانتخابية في شهر تشرين2 / نوفمبر المقبل.

*مدير مركز الدراسات الاميركية والعربية
· وجهات النظر في هذا الموضع لا تعبر عن وجهة نظر وكالة أنباء أمريكا إن أرابيك. الموضوع لا يعبر الا عن وجهة نظر كاتبه.