×

الشركات الدولية قد تساعد في مشاكل الشباب العربي

الشركات الدولية قد تساعد في مشاكل الشباب العربي

يحتاج العالم العربي على مدار العقد المقبل إلى خلق كم هائل من الوظائف يصل إلى 75 مليون وظيفة، بزيادة قدرها 40% عن النسبة الحالية، وذلك لمواكبة وتيرة النمو السكاني السريع للفئات الشابة التي تتأهب للانضمام إلى القوى العاملة. إلا أنه قد يتعذر تحقيق هذه النسبة العالية والمُلحة في ظل الفجوة الشاسعة التي تعاني منها المنطقة حاليًا بين متطلبات الوظائف في سوق العمل والمهارات التي يمتلكها الشباب.
وفي هذا الصدد، حددت شركة بوز أند كومباني للاستشارات الإدارية بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي والشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) عدداً من السبل التي يمكن بواسطتها لمؤسسات الأعمال الكبرى سد الفجوة الحالية في المهارات، وذلك من خلال الاستفادة السليمة من منظومات عملهم، والمتمثلة في تعاون مؤسسات الأعمال الكبرى مع الشركاء الاستراتيجيين والعملاء والموردين والهيئات التعليمية والمؤسسات الحكومية. 
أبرز تحديات التوظيف في العالم العربي
تتطلب الثورات السياسية الأخيرة التي شهدتها المنطقة استجابةً فوريةً للتغلب على تحديات التوظيف والبطالة، حيث أظهرت الثورات التي اندلعت في المنطقة أن تفشي عدم المساواة الاقتصادية بات قادرًا على إثارة اضطرابات اجتماعية واسعة.
علاوةً على ذلك، فإن أكثر من نصف سكان المنطقة لا يتجاوز سنهم الخامسة والعشرين، وهي نسبة عالية تُصعب من عملية خلق فرص العمل.
وفي واقع الأمر، تُظهر بيانات البنك الدولي أن دول مجلس التعاون الخليجي الستة تُسجل أعلى معدلات البطالة بين الشباب على مستوى العالم، حيث تصل إلى 40% بين بعض الفئات العمرية. ولعل أحد أهم أسباب ارتفاع معدلات البطالة هو الفجوة القائمة بين المهارات التي يحصل عليها المتعلمين من مناهجهم وأنظمتهم التعليمية وتلك المهارات التي يحتاجها القطاع الخاص.
وتجدُر الإشارة إلى أن ”من يتلقى تعليماً غير مناسب “ لا يعني بالتبعية أنه ”غير متعلم“، فالبطالة في العالم العربي مرتفعة أيضاً لدى الأشخاص الأكثر تعليماً، حيث أن 43% من الحاصلين على شهادات التعليم العالي عاطلون عن العمل في السعودية، في حين تبلغ هذه النسبة 22% في المغرب والإمارات، و14% في تونس وأكثر من 11% في الجزائر.
وعليه، لا يمكن حل أزمة البطالة بين الشباب العربي بمجرد توفير مستوى أفضل من التعليم، إذ أظهرت دراسة أجراها المنتدى الاقتصادي العالمي وشركة بوز أند كومباني حول مؤسسات الأعمال الكبرى في دفع عملية التوظيف في العالم العربي أن القوى العاملة تفتقر إلى المهارات العامة والمتخصصة التي تتطلبها الوظائف والتي من شأنها أن تجعلها قوى منتجة ومتحمسة.
نموذج جديد
واوضح سامر بحصلي، وهو شريك في شركة بوز أند كومباني، ”أن حكومات مجلس التعاون الخليجي حاولت التخفيف من وطأة أزمة البطالة التي تعاني منها خلال الأعوام الماضية من خلال تبني مبادرتين رئيسيتين؛ وهما: تحديد حصص لتوظيف المواطنين، والمساهمة في تكلفة توظيفهم. وبينما حققت هذه السياسات قدرا من النجاح، فإنها لم تحقق الأهداف المرجوة منها“.
وبناءً على هذا، ثمة حاجة لإيجاد نموذج جديد لمواجهة معدلات البطالة المتزايدة في الشرق الأوسط. وعند الشروع في تنفيذ هذا النموذج، ينبغي أولاً تحديد الوظائف المحتملة، ثم تصميم برامج تدريب مخصصة لتوفير المهارات المطلوبة. وتعتبر الحكومات ومؤسسات الأعمال والأكاديميين هم الجهات المعنية الرئيسية المشاركة في هذا النموذج، والتي يتعين عليها مضافرة جهودها لموائمة مهارات القوى العاملة مع الاحتياجات الاقتصادية الوطنية، وبهذه الطريقة يمكن تعظيم أثر النهج الجديد.
مساهمة مؤسسات الأعمال الكبرى في خلق فرص العمل
أن في إمكان مؤسسات الأعمال الكبرى وليس الحكومات تأدية دور متزايد الأهمية في عملية التوظيف، وذلك من خلال تحفيز تطوير مهارات القوى العاملة الوطنية. فمؤسسات الأعمال الكبرى ، سواءً كانت مؤسسات مملوكة للدولة أو مجموعات شركات خاصة مملوكة لعائلات، تسيطر على الاقتصادات الوطنية ويمكنها على المدى القصير فهم احتياجات سوق العمل وتوفير عدد من فرص العمل على هذا الأساس.
الأولويات الرئيسية
يجب أن تبادر هذه مؤسسات إلى التوسع على أساس النجاحات الحالية والتقدم على عدد من المستويات في آن واحد، مع العمل مع الحكومات بوصفها شركاء في التنفيذ، وتتضمن المبادرات التي يجب أن تتولاها مؤسسات الأعمال الكبرى ما يلي:
* تحديد احتياجات المهارات الحالية والمستقبلية على ضوء توقعات تنموية دقيقة
* توفير حزمة جاذبة من المزايا بهدف استقطاب أفضل المهارات والمحافظة عليها استراتيجيًا
* إطلاق مشاريع تعاونية تسمح للهيئات الحكومية بدعم الوظائف وتنمية المهارات
* التنسيق مع المؤسسات التعليمية لدعم تنمية المهارات
* الالتزام بتثقيف القوى العاملة الحالية وتدريبها، فعلى سبيل المثال، استثمرت سابك منذ تأسيسها في عام 1976 في تطوير مواردها البشرية، إذ ينضم سنوياً إلى برنامج للتدريب الخاص في الخارج وفي المملكة العربية السعودية ما بين مئة وألف طالب متخرج من الثانوية، ويبلغ ذلك الأمر ذروته في التدريب أثناء العمل
* الاستفادة من المهارات النسائية غير المستغلة من خلال وضع برامج لتوظيفها و تطوير قدراتها لجعل الشركات قادرة على استقطاب المواطنات المتعلمات والطموحات
* تشجيع الموردين على خلق فرص العمل
* تأييد قطاعات أعمالهم من خلال الترويج لصادرات الشركات الأخرى العاملة ضمن منظومات أعمالهم مثلاً
تحفيز ريادة الأعمال
بمقدور مؤسسات الأعمال الكبرى أيضاً تعزيز نشاط ريادة الأعمال التي تعتبرها الكثير من البلدان محركاً مهماً لعملية التوظيف، سعيًا لإيجاد مزيد من فرص العمل ورفع معدلات التوظيف. وبالأخص، يتعين على المؤسسات المملوكة للدولة رعاية مفهوم ريادة الأعمال والعمل على دعم تطويرها بفاعلية.
وبشكل عام، هناك أربعة أنواع رئيسية من الاستراتيجيات يمكن أن تنتهجها المؤسسات المملوكة للدولة ومؤسسات الأعمال الكبرى لتشجيع مفهوم ريادة الأعمال، وهي تتضمن: تحفيز ريادة الأعمال داخل منظوماتها الخاصة، وتعزيز ريادة الأعمال لدى الموردين، وتشجيع ريادة الأعمال في الصناعات التحويلية، وإطلاق مبادرات خيرية لتشجيع ريادة الأعمال.