×

عقيدة الهيكل وراء قرار أمريكا بخصوص القدس المحتلة

عقيدة الهيكل وراء قرار أمريكا بخصوص القدس المحتلة

 

قرار يوم 6/12 لترامب هو قرار عقائدي وديني لا سياسي وهو يخدم فئتين شديدي التدين في أمريكا والعالم. أولهما هو جزء كبير من جمهور اليهود المتشددين خصوصا في دولة الاحتلال الإسرائيلي وثانيهما وهو الأكبر عددا هو جمهور الانجيليين الأمريكيين في أوساط البيض في أمريكا، والذين لهم بعض الوجود الضعيف في دول عربية مثل مصر.

(يسمح بإعادة النشر بدون مقابل)

عماد مكي

رئيس تحرير وكالة أنباء أمريكا إن أرابيك

قرار يوم 6/12 لترامب هو قرار عقائدي وديني لا سياسي وهو يخدم فئتين شديدي التدين في أمريكا والعالم. أولهما هو جزء كبير من جمهور اليهود المتشددين خصوصا في دولة الاحتلال الإسرائيلي وثانيهما وهو الأكبر عددا هو جمهور الانجيليين الأمريكيين في أوساط البيض في أمريكا، والذين لهم بعض الوجود الضعيف في دول عربية مثل مصر.

يعتقد الإنجيليون الامريكيون، وهم كتلة كبيرة صلبة داعمة لترامب في كل خطواته، ان بسط السيادة

اليهودية (وليست الإسرائيلية) تمثل اول خطوة حقيقة تجاه عودة المسيح ونهاية العالم وفق اعتقادهم السائد. ثاني تلك الخطوات هي هدم المباني الاخرى غير المعبد اوهيكل سليمان وثالثها إعادة بناء الهيكل، وفق عقيدتهم. تتبع ذلك خطوة اهم وهي مرحلة الحروب الضارية والمواجهات التي تعرف لديهم باسم “ارماجدون” او حروب نهاية العالم والتي ستنتهي بعودة المسيح وانتشار المسيحية الإنجيلية في الأرض وتحول الناس للمسيحية — بما فيهم اليهود انفسهم — وانتهاء الدولة  اليهودية واستبدالها بأخرى مسيحية خالصة.

وبحسب تلك الكتلة الضخمة التي تتركز في الجنوب ووسط أمريكا – لكن لها تواجد مؤثر في كل الولايات – فان ما يقوم به ترامب ما هو الا تحقيق – نصا – ل”عودة المملكة” ونبوءة نهاية العالم” وان من لا يؤمن بهذه النبوءة فانه لن يكون له “مخلص”.

وحتى كتابة هذه السطور يقوم هؤلاء الإنجيليون بدعوة غيرهم من الامريكان الى “الخلاص” قائلين ان هذا وقت خلاص ارواحهم بالايمان بهذه النبوءة.

ويذهب الكثير منهم لخلط الأمور فيؤكد الان في احاديثه في أمريكا على ان نهاية العالم تبدء بالتسليم العالمي – بما فيه من بعض المسلمين والعرب – بان القدس المحتلة ما هي الا عاصمة دولة الاحتلال الصهيوني.

ودلائل البعد العقائدي الذي يختار العرب والمسلمون في المنطقة العربية تجاهله  دلائل متعددة ومتواترة. فكبير مراسلي شبكة “شبكة البث المسيحي”، وهس شبكة تليفزيونية وإعلامية أمريكية رائجة، ديفيد برودي قال بعد قرار ترامب :”لقد وفى ترامب بوعوده للإنجيلين مرة بعد مرة. وبوفائه بوعده لهم بخصوص القدس يصبح ترامب الرئيس الاكثر قربا من الإنجيليين على الاطلاق في التاريخ”.

وتقول الكاتبة والمؤلفة الامريكية ديانا باتل باس المتخصصة في دراسة الأصولية المسيخية وأيدلوجية نهاية العالم في الكنائس الإنجيلية البيضاء تقول:-“لعقود كان يتوق المتدينون الإنجيليون لهذا الإقرار. فهم يعتقدون انه مهم من اجل إعادة السيطرة على جبل المعبد.  وهذا مهم لهم كذلك لان إعادة بناء المعبد هي الحدث الذي سوف يدشن احداث سفر الرؤيا (او كتاب النبوءات في الكتاب المقدسي المسيحي) وانتهاء العالم…ان ترامب يأخذهم الان الى ذروة التاريخ والى حيث انتصارهم المؤكد…ان الناس يعتقدون ذلك حقا ومنهم من ضحى بحياته من اجل ذلك وهم يتغنون بذلك في كنائسهم”.

وأضافت ديانا باتل باس:” ان ما يقوم به ترامب ليس تحقيق وعد انتخابي بل هو ينفذ وعدا دينيا”.

وما يؤكد على ذلك وجود الكثير من المستشارين الإنجيليين لترامب وهم يأخذون نبوءات نهاية العالم بشكل حرفي ومنها ان السلام في هذا العالم لا يهم وان ما يهمهم هو عودة المسيح وكل ما عدا ذلك فهو امر “مزيف” و “غير حقيقي”. ووفق من يتابعون هذه الفئة المؤثرة في أمريكا فان هناك الملايين من الأمريكيين من انصار ترامب يؤمنون بذلك ايمانا شديدا في ولاية مثل تكساس وتعتبر “مدرسة دالاس الدينية ” احد معاقلهم.

والجمهور الاخر وراء قرار ترامب هو من المتشددين اليهود ومنهم منتمون للحزب الجمهوري وممولون كبار من اثرياء اليهود في أمريكا والعالم أمثال ملك القمار اليهودي والصهيوني شيلدون ادلسون صاحب كازينوهات القمار في مدينتي لاس فيجاس  وفي ماكاو بالصين.

ان نظرة العرب والمسلمين للقرار الأمريكي بالاعتراف بسيادة الاحتلال اليهودي على القدس المحتلة على انه قرار سياسي محض هي نظرة قاصرة. ويذهب البعض لفهمه الى تفسيرات  براجماتية ترى انه تصرف لتشتيت الانتباه عن ازمة ترامب الداخلية او انه قرار يخدم المصالح الامريكية الاستراتيجية.

اما لماذا لا تعترف الحكومات والأنظمة العربية والنخبة الفكرية في الدول الإسلامية بالبعد الديني في قرار ترامب فهذا موضوع المقال القادم.

عماد مكي

كاليفورنيا