×

مكافحة امريكية للارهاب عبر الصحراء الكبرى في افريقيا

مكافحة امريكية للارهاب عبر الصحراء الكبرى في افريقيا

وزارة الخارجية الأميركية     –   تصريحات ليندا توماس غرينفيلد   ،  مساعدة وزير الخارجية، مكتب الشؤون الأفريقية 

الخطاب الرئيسي في جامعة الدفاع القومي
واشنطن، العاصمة
كما أعدت للإلقاء
المؤتمر السنوي الثامن لشراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى
أود أن أرحب بكم جميعًا أحر ترحيب، وعلى وجه الخصوص أولئك منكم الذين سافروا إلى هنا من سفاراتنا ومن القيادة الأميركية لأفريقيا. ومعنا اليوم، سفراء، وجنرالات، ومدراء البعثات التابعة لوكالات المعونات الأميركية، ومتخصصون في فرض تطبيق القانون، ومسؤولون في الدبلوماسية العامة. وأعتقد أنه من المهم جدًا أن نزيد الفرص لإقامة هذا النوع من الحوار الاستراتيجي بيننا نحن الذين نعمل في واشنطن وبينكم أنتم الذين جئتم من الخارج. كانت هذه توصية رئيسية لمراجعة الدبلوماسية والتنمية التي تُجرى كل أربع سنوات.
وأود أيضًا أن أرحب بشركائنا من المجتمع الدولي الممثلين هنا. إن وجودكم معنا مهم لأن العمل من أجل تعزيز الاستقرار الإقليمي وبناء القدرات في شمال غرب أفريقيا هو مسعى مشترك. ينبغي علينا إيجاد السبل الكفيلة بتعزيز التنسيق فيما بيننا على المستويين الاستراتيجي والتشغيلي. إن استراتيجية الأمم المتحدة المتكاملة لمنطقة الساحل ومجموعة العمل لمنطقة الساحل في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، هما مبادرتان مهمتان في هذا الصدد، وعلينا أن نبني عليهما.
إنني أدرك أن مصير هذا المؤتمر كان غير مؤكد قبل أسبوعين، ويسعدني جدًا بأنه منعقد. إنه المؤتمر السنوي الثامن لشراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى، ولكن المخاطر لهذه الشراكة لم تكن أعلى مما هي عليه اليوم. خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية، شاهدنا عدم الاستقرار السياسي في ليبيا وتونس ومالي. نفذ الإرهابيون الذين يسعون إلى الاستفادة من حالة عدم الاستقرار هذه الهجمات ضد المدنيين في الجزائر، وليبيا، ومالي، والنيجر، وتونس. وفي شمال نيجيريا، تواصل مجموعة بوكو حرام تنفيذ هجمات منتظمة ضد المدنيين.
إن الولايات المتحدة تدين بشدة أعمال العنف التي ترتكب بدم بارد. ونؤمن بأنه ينبغي تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة ونحن ملتزمون بدعم الحكومات في المنطقة في جهودها الرامية إلى القيام بذلك.
لقد أكدت لنا أحداث العام الماضي مرة أخرى التهديد الحقيقي الذي يشكله تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والتهديد الذي تشكله المجموعات المتطرفة العنيفة المرتبطة بالقاعدة في جميع أنحاء هذه المنطقة المعرّضة للأخطار. ولكن في الوقت نفسه، شدد العام الماضي على تصميم الحكومات والمجتمع المدني على مواجهة هذا التهديد. وقد استجابت القوات الأفريقية، التي تلقى العديد من أفرادها التدريب في الولايات المتحدة، إلى الوضع في مالي وعملت جنبا إلى جنب مع الجيش الفرنسي لطرد تنظيم القاعدة من المغرب الإسلامي ومن الملاذات الآمنة التي اتخذوها لهم في شمال مالي. وقد أدى التدخل إلى جعل تنظيم القاعدة مشتتًا ومجزأً وفاقدًا للروح المعنوية. ومن ثم توجَّه المالييون إلى صناديق الاقتراع في انتخابات ديمقراطية تاريخية – انتخابات كانت بمثابة تأنيب قوي للقيود والأيديولوجيا المتطرفة العنيفة التي فرضها تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي. وفي الوقت نفسه، أعادت الحكومات في الجزائر وبوركينا فاسو وموريتانيا والنيجر التزامها بمكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن على امتداد حدودها المشتركة.
وقد تساءل العديد من الناس عقب الانقلاب العسكري في مالي عما إذا كانت الدبلوماسية الأميركية في غرب أفريقيا، وخاصة ما إذا كانت شراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى، قد فشلت في مهمتها. في الواقع، أثارت الأحداث في مالي تساؤلات صعبة. وينبغي علينا مواصلة السعي لتحقيق فهم أوسع للدروس المكتسبة من مالي. ومع ذلك، فمن المهم أن نلاحظ أنه على الرغم من هذه الانتكاسات التي مررنا بها في مالي، فقد استجابت المنطقة ككل بسرعة للأحداث في مالي، الذي كان ممكنًا جزئيا بسبب الدعم الدولي، بما في ذلك الانخراط الدائم في شراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى وجهود بناء القدرات.
إذ أدرك مهندسو شراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى عن حق، في العام 2005، أن غالبية المجتمعات الأهلية عبر أنحاء شمال وغرب أفريقيا ترفض الأيديولوجيا المتطرفة العنيفة، وأن الحكومات ملتزمة إلى حد كبير بمكافحة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والمجموعات المتطرفة العنيفة الأخرى. إن ما هو مطلوب ليس فرض الحلول الخاصة بنا، إنما بدلاً من ذلك، بناء القدرة على الصمود، وبناء القدرات، وبناء الشراكات. وبعد مرور حوالى عقد من الزمن، فإن هذا النهج لا يزال سليمًا وينبغي أن يبقى في صميم إستراتيجيتنا.
وقد باتت المنطقة تواجه تهديدات إرهابية جمة، ما فتئت تتحول وتتغير بشكل مستمر، مستغلة في ذلك الشكاوى المحلية والانقسامات بين مختلف المجموعات العرقية، والحدود التي يسهل اختراقها، والمؤسسات الضعيفة. وفي حين أن التطرف العنيف يتجلى بشكل مختلف عبر المنطقة الشاسعة التي تضم منطقة الساحل والمغرب العربي، فإننا نرى وجود روابط بين المجموعات المتطرفة العنيفة عبر الحدود. واستجابة لذلك، ينبغي أن تكون إستراتيجيتنا إقليمية وشاملة بصورة متزايدة.
وفي وقت سابق من هذا العام، دعت وكيلة وزير الخارجية وندي شيرمان مجموعة عمل من المكاتب المعنية في وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية لحضور اجتماع لمراجعة إستراتيجيتنا نحو منطقة الساحل والمغرب العربي. وحددت مجموعة العمل خمس توصيات أساسية – ينبغي أن تقود جميعها إلى دفع جهودنا الجماعية قدمًا.
أولاً، يجب علينا التركيز على تحقيق الاستقرار في الممر بين ليبيا والنيجر-مالي. لقد أصبح الممر الممتد من جنوب ليبيا إلى شمال مالي منطقة عمليات رئيسية ومنطقة عبور للقاعدة في المغرب الإسلامي والمجموعات المرتبطة بها. وردًا على ذلك، يتعين علينا تقوية جهودنا لمساعدة الحكومات المتضررة في بسط سلطة الدولة، وتعزيز أمن الحدود، وتحسين الاستجابة الحكومية، وتوسيع نطاق الفرص الاقتصادية، ومعالجة شكاوى الفئات المهمشة المعرضة للتطرف العنيف.
ثانيًا، ينبغي علينا أن نبحث عن سبل لدفع الحكم الرشيد قُدمًا، وسيادة القانون، وحقوق الإنسان، والنمو الاقتصادي الشامل في المنطقة. إن بلدان منطقة الساحل هي من بعض أشد البلدان فقرًا في العالم، في حين أن دول المغرب العربي تمر الآن في مرحة تغيير وإصلاح سريعين. ففي غياب الفرص الاقتصادية والأمل، يصبح الشباب أكثر تعرضًا للأخطار وأكثر تعرضًا للتجنيد واتخاذ خيار الانضمام إلى المجموعات المتطرفة العنيفة. إننا نرى ذلك يحدث حتى هنا في الولايات المتحدة. يغذي التطرف العنيف أيضًا عدم الاستقرار السياسي واندلاع النزاعات كما رأينا في مالي وليبيا. ينبغي علينا تكثيف جهودنا في منطقة الساحل والمغرب العربي من أجل تقوية المؤسسات والعمليات الديمقراطية، وتشجيع التواصل مع الفئات المهمشة والمساعدة في إرساء الأسس لخلق فرص العمل لاستيعاب الطاقة المتدفقة من الشباب في المنطقة. تستطيع مبادرة الرئيس أوباما للقادة الأفارقة الشباب أن تلعب دورًا حاسمًا في هذه العملية. وعلى مدى السنوات الخمس القادمة، سوف ندعو الآلاف من القيادات الشابة الواعدة في المنطقة إلى الولايات المتحدة ونعمل على دعم قيادتهم وإبداعهم.
وليس من المبكر أيضًا التفكير بكيفية تمكننا من دعم، انتخابات سلمية ناجحة في مختلف أنحاء المنطقة، ولا سيما في بوركينا فاسو والنيجر وليبيا وبالطبع نيجيريا. تشكل، على المدى الطويل، الحكومات المستقرة، والشاملة للجميع، والخاضعة للمساءلة والمحاسبة، والشفافة أكبر رادع للتطرف العنيف.
ثالثًا، ينبغي علينا تقوية التعاون الإقليمي ومزامنة الجهود مع الشركاء الدوليين الرئيسيين. فخلال استجابتنا لمالي، شهدنا أمثلة رائعة حول التعاون الإقليمي. علينا البناء على أساس تلك الأمثلة والاستفادة بشكل أفضل من برامجنا لتسهيل تبادل المعلومات والتعاون عبر الحدود. ونعمل عن كثب مع حلفائنا البريطانيين والفرنسيين والكنديين لمزامنة جهودنا.
رابعًا، إن مساعدة الحكومات والمجتمعات الأهلية على إدارة حدودها يجب أن تظل نقطة التركيز من أجل أمننا ومساعداتنا الإنمائية. كما نعرف أن الإرهابيين يستغلون الحدود التي يسهل اختراقها لتهريب الأفراد والأسلحة والسلع عبر الدول والتهرب من الأجهزة الأمنية عبر المنطقة. سوف يتطلب تعزيز أمن الحدود نهجًا أكثر تركيزًا وشمولاً – الاستفادة من قوات فرض تطبيق القانون والقوات العسكرية ومشاركة المدنيين. ينبغي أيضًا أن تدمج جهود مراقبة أمن الحدود المجتمعات الأهلية المعنية كمشاركين فاعلين في هذه العملية- مما يعني أن الأساليب الأمنية التقليدية يجب أن تترافق مع نشاطات يشارك فيها المجتمع الأهلي.
خامسًا وأخيرًا، علاوة على التوصيات الأربع الأولى، فقد وافقت مجموعة العمل على أنه يتعين علينا تعزيز شراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى. وأجرينا منذ ذلك الوقت مراجعة مشتركة بين الوكالات. وخلصت المراجعة إلى أنه في حين أن شراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى لا تشكل الآلية لتنفيذ جميع أولوياتنا في المنطقة، لكنها تبقى برنامجًا أساسيًا لبناء قدرات الدولة والمجتمع المدني والتعاون لمكافحة الإرهاب. وكمبادرة مشتركة بين وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية ووزارة الدفاع، تجمع شراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى سوية جميع الأدوات الفضلى للدبلوماسية والتنمية والدفاع. إن هذا النوع من النهج المتكامل والمتعدد الأوجه بين الوكالات هو الذي ينبغي أن يستمر بأن يكون في صميم كيفية مقاربتنا للتحديات التي تواجهها المنطقة.
أوصت مراجعة شراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى أن نبحث عن السبل الكفيلة بتقوية البرنامج مع تعزيز الموارد، والتخطيط الاستراتيجي، والرصد والتقييم. ويقودنا ذلك إلى الغرض من هذا الاجتماع. ففي هذا المنعطف الحاسم، يتحتم علينا أن نلقي نظرة شاملة على شراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى وأن نتعامل مع الأسئلة الصعبة. ماذا تعلمنا خلال السنوات الثماني الماضية؟ ما هي البرامج التي كانت أكثر فاعلية؟ ما هي البرامج التي فشلت ولماذا؟ وخلال سعينا للانخراط مجددًا مع الحكومة الجديدة في مالي، علينا دعم الحكومة المؤقتة المنتخبة ديمقراطيًا في ليبيا، وتقوية شراكاتنا مع حلفائنا منذ وقت طويل مثل المغرب، ما هو النهج الأفضل؟ كيف يمكننا تحسين دمج البرامج وتجسير الانقسامات المؤسساتية والإقليمية – بما في ذلك بين منطقة الساحل والمغرب العربي؟ كيف يمكننا دعم المبادرات التي نفذتها بلدان المغرب العربي لبناء القدرات مع جيرانها في منطقة الساحل – مثل التزام حكومة المغرب مؤخرًا بتدريب الأئمة في مالي على مكافحة التطرف العنيف؟ كيف يمكننا تقوية الروابط بين شراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى والجهود الأوسع نطاقًا لتعزيز الاستقرار والحكم الرشيد؟ ما هي القيود المفروضة على جهودنا، وكيف سيبدو النجاح خلال فترة الثلاث إلى خمس سنوات القادمة؟
هذه الأسئلة ليست سهلة، ولكنها ضرورية في الوقت الذي نمضي فيه قدمًا. إن الفهم الأفضل لقدراتنا ومحدوديتنا يمكن أن يساعدنا في فهم أفضل للكيفية التي يمكننا بها أن ندفع أهدافنا في المنطقة بصورة فعالة. إنني واثقة بأن هذه المجموعة هنا اليوم تملك الخبرة، والطاقة، وقوة التفكير للتعامل مع هذه الأسئلة، وأتطلع إلى الاستماع حول التوصيات والاستنتاجات الناتجة عن هذا المؤتمر.
إنني أعلم أيضًا أن ثمة عمل جيد يجري القيام به لوضع إستراتيجية جديدة متعددة السنوات لشراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى من شأنه أن تساعد في توجيه جهودنا الجماعية للمضي قدمًا. إننا نعمل جميعًا على وضع خطة إستراتيجية أكثر تماسكًا وشفافية لشراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى التي سوف تشمل جميع أصحاب المصلحة.
وأخيرًا، يجب ألا ننسى أن شراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى – في جوهرها- هي حول الشراكة. إن حكومات وشعوب منطقة الساحل والمغرب العربي هي التي تتواجد في الخطوط الأمامية وتواجهون جميع هذه التهديدات والتحديات، وهي التي ستعملون على صياغة الحلول في نهاية المطاف. وجهودنا سوف تصل إلى الحد والسرعة التي يريدها شركاؤنا – ويمكننا أن نفعل ذلك.
وخلال مشاركتنا، علينا أن نستمر في تشجيع قيادة وملكية وريادة أعمال شركائنا الأفارقة والعرب. ومن خلال الدعم، نعلم أن هناك توقًا كبيرًا في جميع أنحاء القارة لبناء مستقبل أكثر إشراقًا. إن بناء شراكات مؤسساتية دائمة مع أفريقيا والشرق الأوسط يصب في مصلحة الولايات المتحدة، القائمة على التفاهم المتبادل واحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان والقيم الديمقراطية. وهذا العمل ليس براقًا أو سريعًا. إنه لا ينفذ ضمن برنامج واحد أو خلال سنة مالية واحدة. ولكن هذه الشراكات هي التي ستدفع في نهاية المطاف مصالحنا المشتركة والأمن على المدى الطويل.
شكرًا لكم على وقتكم وعلى العمل المهم الذي قام به كل واحد منكم لبناء تلك الشراكات. أعرف أنكم سوف تستفيدون إلى أقصى حد من الأيام الثلاثة المقبلة، ومن هذا الاجتماع الاستثنائي المتنوع للخبراء. إنني أتطلع إلى مواصلة العمل معكم في هذا المسعى المهم. وشكرًا لكم.