×

نظرة على حرب الاغتيالات للطائرات دون طيار

نظرة على حرب الاغتيالات للطائرات دون طيار

      بقلم د. منذر سليمان*

“الحرب العالمية على الارهاب،” التي بشر بها جورج بوش الابن الكون بأكمله دخلت مرحلة جديدة مختلفة، وان لم تنحسر عدوانيتها ودمويتها وشموليتها. الحرب التقليدية كانت تدار بترسانة من الاسلحة البرية والبحرية والجوية، اما “الحرب على الارهاب” في يومنا هذا فهي تدور بصمت وتحصد ضحاياها باطمئنان لسلامة جانب مشغليها عن بعد الذين يمارسون عملهم باعتياد ورتابة تامة كل يوم، والعودة لعائلاتهم واطفالهم بعد انقضاء “يوم عمل،” كغيره من الايام. الحرب الطاحنة والمدمرة كانت تشن في السابق بهدف احراز تنازلات من الخصم، دولا وشعوبا؛ واستبدلت بنمط اكثر ديمومة يستند الى ابداعات التقنية المتطورة التي لا يعرف كنهها سوى عدد محدود من الاميركيين. وادارتها بالاساليب الراهنة قد تلحق بالاميركيين اضرارا لا تقل عن خسائر الضحايا في الشرق الاوسط، لا سيما وان رقعة عملياتها تزداد باضطراد لتشمل المنطقة العربية بأكملها، والسواحل الشرقية لافريقيا وغربا في العمق الى مالي، وشرقا الى افغانستان وباكستان وحتى ايران. 

        تنامي اعتماد صناع القرار السياسي الاميركي على الطائرات دون طيار، درونز، لشن حربهم “على الارهاب” لم تخضع لاجراءات الفحص والتدقيق المعتمدة، وذلك يعود الى اعجاب كافة الاطياف السياسية بنتائجها وقلة كلفتها مقارنة مع الحرب التقليدية. فمن ناحية، تعتبر طائرات “درونز” وسيلة حربية اميركية مثلى. اذ تستند الى آخر انتاجات التقنية بالغة التطور، والتي تحتل اميركا منصب الصدارة فيها؛ وتخفض عدد الضحايا البشرية بين الاميركيين، مما يعتبر ميزة حيوية لتبنيها من قبل مرشح ما لمنصب سياسي معين. الرئيس اوباما الذي اطلق وعودا وردية اثناء حملته الانتخابية السابقة بشأن “خفض مستوى العداء في الشرق الاوسط،” وجد ضالته للاستمرار بالحرب بكلفة زهيدة باستخدام تلك الطائرات. تتميز فترة رئاسة اوباما بتزايد تنفيذ الاغتيالات السياسية في اراضي الغير بفرط الاعتماد على “الدرونز” بنسبة تفوق عشرة اضعاف ما كانت عليه الاغتيالات في كامل فترة بوش الابن الرئاسية.

 

مقر اوباما للاغتيالات

        تسربت حديثا تفاصيل آلية اختيار “زعماء الارهاب” للظفر بهم، احياءً او قتلى، عبر وكالة أ.ب. للانباء، بعدما كان يلفها حاجز سميك من السرية اذ كانت تتبع لتقييم القيادات العسكرية في وزارة الدفاع. وافاض مسؤولون اميركيون سابقون على دراية باجراءات تحديد الاهداف، ان عناصر خطة الاستهداف النهائية اشرف عليها مستشار الرئيس اوباما لشؤون مكافحة الارهاب، جون برينان، من شأنها حصر قرار استخدام “الدرونز” والقوات الخاصة في ساحات محددة ضمن فريق مصغر من طاقم البيت الابيض.

        واستنادا الى بعض ما تم تداوله مؤخرا، حول ما طرأ من جديد على سياسة الاغتيالات المنظمة، يمكننا القول ان انتقاص الدور الذي كانت تقوم به البنتاغون ترجم الى تعزيز دور البيت الابيض زائد مزيد من اضفاء الاطر السرية. البنتاغون لا تزال قادرة على تنفيذ مهام الاغتيالات كما في الوتيرة السابقة، لكن الجديد ان “التوصيات بالاهداف” ستمر عبر قناة وزير الدفاع ليون بانيتا، لكن القرار النهائي بالمضي من عدمه يبقى محصورا في فريق البيت الابيض برئاسة برينان والذي لديه صلاحيات تخوله التصرف بقائمة مرشحي الاغتيال بعد مصادقة الرئيس، بدل الدور المركزي السابق لوزارة الدفاع.

        وعليه، تسري تخوفات من تركيز سلطات اضافية حساسة بيد برينان وفريقه، الذي لا يعترض طريقه للوصول الى مركز القرار الرئاسي الحاسم اي شيء، والقيام بمهام مقر مصغر للقوات العسكرية يضطلع بتقرير مصير “الاهداف الارهابية” حول العالم.

        وتجدر الاشارة الى مطالبة عدد من المنظمات المعنية بالحقوق المدنية، والتي تخشى من احتكار السلطة التنفيذية لقرارات مصيرية، قد طالبت البيت الابيض بالافصاح عن الآلية التي يجري وضع اسماء معينة على اللائحة المستهدفة. كما ان عددا آخر من المنظمات الحقوقية اعربت عن قلقها ومعارضتها لتوسيع نطاق عمل طائرات “الدرونز،” الذي يتعدى الساحات الخارجية الى الاستخدام داخل اراضي الولايات المتحدة، مما يعرض الحقوق الدستورية للشعب الاميركي للانتهاك.

        من المفارقة، ان منطقة الشرق الاوسط شهدت ولادة تطبيق طائرات “الدرونز” من قبل الكيان الصهيوني قبل الآخرين. وشرع الكيان الاستفادة من الدروس القاسية في حرب عام 1973، خاصة على الجبهة السورية التي كبدته بطاريات الصواريخ السورية خسائر فادحة في سلاح الجو. وشهدت الصناعات الجوية “الاسرائيلية” انتاج اول نموذج للطائرات دون طيار واستخدامها لجمع معلومات استخبارية فورية ولاغراض الحرب الالكترونية والتمويه العسكري. وكانت اولى تطبيقاتها عام 1982 في العدوان على لبنان والدور المحوري للطائرات في تحييد الدفاعات الجوية السورية آنذاك.

        وبعد ذلك، شرع الكيان الصهيوني بتسليح ذلك الجيل من الطائرات دون طيار وكثف من استخدامها في عمليات الاغتيال ضد القيادات الفلسطينية. وفي شهر آذار/مارس 2009، شن الكيان الصهيوني غارة مكثفة على قطاع غزة، مستخدما الطائرات المذكورة كسلاح اسناد وانقضاض، ذهب ضحيتها 48 مدنيا من الفلسطينيين، من ضمنهم طفلين ومجموعة من النساء في احد الاحياء السكنية الهادئة.

        الطراز الرئيسي المعتمد في “الجيش الاسرائيلي” هو “هيرون،” الذي طورته “الصناعات الجوية الاسرائيلية.”

        وكما في كل المواقع والانتاجات العلمية والعسكرية “الاسرائيلية،” فان جهود الابحاث والانتاج تتم بمساعدة تقنية اميركية وتمويل اميركي ايضا. ونجح الكيان في تصدير نموذج “هيرون” الى تركيا والهند وسنغافورة وفرنسا وكندا. وشهدت الايام القليلة الماضية ارتفاع منسوب الدفء في العلاقات العسكرية بين الكيان الصهيوني وتركيا، اذ اعيدت بعض طائرات “هيرون” الى تركيا بعد اجراء الصيانة واصلاح الاعطال.

سلاح الجو الاميركي الجديد

        دخلت طائرات “الدرونز” الخدمة في الاسلحة الاميركية المختلفة بتسارع قوي، كما اشارت الى ذلك دراسة صادرة عن الكونغرس الاميركي والتي اقر فيها ان نسبة طائرات “الدرونز” بلغت نحو 31 بالمائة من مجموع الطائرات العاملة في كافة قطاعات الاسلحة الاميركية. وحاليا، يبلغ عدد الطائرات بحوزة القوات العسكرية الاميركية نحو 7,494 طائرة، مقابل 10,767 طائرة باطقم طيارين.

        عند ادخال “الدرونز” الى ساحتي المعارك في العراق وافغانستان، تحطمت في العام الاول نحو 38 طائرة من طراز “بريداتور وريبر”، وخضعت لتعديلات عديدة بعدئذ. وعلى الرغم من ذلك، استطاعت ايران اسقاط طائرة “درون” من طرازRQ-17. افادت دراسة الكونغرس المشار اليها ان التعديلات التقنية التي ادخلت على طائرات “بريداتور” اسهمت في خفض معدلات الحوادث من 20 الى 7,5 في ظرف 100,000 ساعة من الطيران المتواصل، وهي النسبة المقاربة لحوادث الطائرات المقاتلة من طراز F-16.

        ويبقى هذا الجيل من طائرات “الدرونز” عرضة لنقاط الضعف التقنية، اذ اشار احد التقارير مؤخرا الى وقوعها فريسة للبرامج الالكترونية الضارة – الفيروسات، اضافة الى افراط جهود برمجتها عن بعد وقدرتها المحدودة على الاستجابة للتعليمات الفورية. احدى مزايا ذلك الجيل من الطائرات هو قدرتها على التحليق لفترات زمنية اطول، وجمع معلومات استخبارية والتي ستحتاج الى العامل البشري لتحليلها والتعامل معها.

        كما ان اسقاط ايران لواحدة من احدث الطائرات مؤخرا اشار الى امكانية “اختطاف” طائرات “الدرونز” والتحكم بقيادتها من الهدف التي جاءت للتجسس عليه بدل الاستجابة الى تعليمات طواقم الطرف المرسل. جدير بالذكر انه لو لم يتم اسقاط طائرة RQ-17 “سنتينل،” لم يكن بوسع ايران عرض مجسمها كاملا، بل ان عرضها على شبكات التلفزة ليراها العالم باجمعه اوضح انها سليمة وحديثة الصنع. مما عزز الرواية الايرانية بانه تم السيطرة عليها الكترونيا وانزالها سليمة. وعلق قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الايراني، اللواء امير علي حاجي زاده، المسؤول عن السيطرة على الطائرة، بالقول “عبر جهد ترصد الكتروني دقيق استطعنا التوصل الى نتيجة ان هذه الطائرة حلقت بهدف اختراق اجواء بلادنا لاغراض تجسسية. وبعد دخولها مجالنا الجوي في المنطقة الشرقية وقعت في مصيدة الكترونية تابعة لقواتنا العسكرية وتم السيطرة عليها وانزالها بحد ادنى من الضرر.”

        تعتمد طائرات “الدرونز،” تقنيا، على كمية محددة من موجات النطاق الترددي لتنفيذ التعليمات الالكترونية، اذ تحتاج طائرة من طراز “غلوبال هوك،” مثلا، الى 500 “ميغا بايت” في الثانية من موجات النطاق الترددي؛ والتي وصفها تقرير الكونغرس الوارد سابقا بانها تساوي “500 بالمئة من مجموع الموجات الترددية التي توفرت لكافة القوات العسكرية الاميركية خلال حرب عام 1991” على العراق.

طائرة “بريداتور”

        تعتبر طائرة “الدرون” من طراز “بريداتور” من اهم الطائرات دون طيار في الترسانة الاميركية. الجيل الاول منها “بريداتور MQ-1” صمم في اوائل عقد التسعينيات من القرن المنصرم لاغراض الاستطلاع والمراقبة في الخطوط الامامية، وعلى متنها كاميرات تصوير متطورة واجهزة استشعار حساسة اخرى. وتم تطوير حمولتها القتالية بنصب صاروخين من طراز AGM-114 هيل فاير على متنها وبعض الذخيرة الاخرى. ودخلت الخدمة الفعلية عام 1995، واستخدمت على نطاق واسع في كل من: افغانستان، باكستان، البوسنة، صربيا، العراق، اليمن، ليبيا والصومال.

        عادة ما ينشر سلاح الجو الاميركي وحدة من اربع طائرات “بريداتور” محملة باجهزة استشعار في مهمة محددة، تتحكم بها محطة ارضية معززة باجهزة اتصال عبر الاقمار الاصطناعية. باستطاعة الطائرة المذكورة التحليق لنحو 300 ميل بحري (740 كم) والمكوث في الاجواء نحو 14 ساعة متواصلة ومن ثم العودة الى قاعدتها.

        منذ عام 2001، اضحت طائرة “بريداتور” الطائرة المفضلة لسلاح الجو الاميركي ووكالة الاستخبارات المركزية في شن الغارات على المناطق القبلية في افغانستان وباكستان، بالاضافة الى ساحات اخرى. وبما ان اسخدامات “بريداتور” تلفها السرية، فالمعلومات المتوفرة حول استخداماتها القتالية ضئيلة. لكن الثابت انه منذ عام 2004، تستخدم وكالة الاستخبارات المركزية قاعدة شمسي الجوية في باكستان لشن غاراتها الهجومية على المناطق القبلية الباكستانية.

        ومنذ شهر ايار/مايو 2005، استخدمت “بريداتور” بكامل حمولتها من صواريخ هيل فاير للاغارة واغتيال عدد من نشطاء القاعدة، الى جانب مقتل عدد اكبر من المدنيين، لا سيما الغارة التي وقعت في 13 كانون2/يناير 2006 والتي ذهب ضحيتها 18 مدنيا. وعزت السلطات الباكستانية هذا العدد الكبير من الضحايا الى “معلومات استخبارية خاطئة” لدى الاميركيين.

طائرة “درون” والحقوق

        الاعتماد المتزايد على الطائرات المسيرة عن بعد اثار عددا من الاستفسارت حول القواعد الاخلاقية لاستخدامها. اذ اعرب عدد من المنظمات الحقوقية، الاميركية والدولية، عن قلقها من استخدام سلاح الطائرات المذكورة في الغارات على افغانستان وباكستان والصومال واليمن. اذ استندت المعلومات الاستخبارية لقتل المدنيين على قاعدة من “المعلومات الالكترونية” التي حددت هوية المشتبه بهم وفق بيانات صممت سابقا وليس استنادا الى معلومات مؤكدة حول ضلوع المشتبه بهم في اعمال عدائية.

        يتزايد الجدل حول هذه المسألة في الداخل الاميركي لخشية المنظمات الحقوقية وقطاع متنامي من الافراد العاديين من استخدام التقنية عينها عند “ملاحقتها للارهابيين” وادخاله الخدمة لدى اجهزة الشرطة الداخلية لمراقبة نشاطات الاميركيين دون ضوابط وانتهاك للحقوق الدستورية.

        تجلت التطبيقات الداخلية لطائرات “الدرونز” في المساعي لمراقبة وضبط الحدود الاميركية، لا سيما المنطقة المشتركة مع المكسيك. واعلنت وزارة الامن الداخلي عن استراتيجيتها الجديدة للحفاظ على الامن بتزايد اعتمادها على الطائرات دون طيار لجمع معلومات استخبارية من شأنها مساعدة الاطقم الأمنية في ملاحقتها لشبكات تهريب المخدرات، بدل الاستناد الى القبض على عناصرها عند النقاط الحدودية. هناك نحو 9 طائرات “بريداتور” تجوب الاجواء الجوية الاميركية، اربعة منها تتخذ من مدينة سييرا فيستا بولاية اريزونا قاعدة لها، وثلاثة طائرات تراقب الحدود المشتركة مع كندا، واثنتين ترابطتان في قاعدة كوربس كريستي البحرية على شواطيء خليج المكسيك واراضي ولاية تكساس.

        استنادا الى معلومات افرجت عنها هيئة الجمارك وحماية الحدود، عام 2011، زعمت ان طائرات “الدرونز” اسهمت في مصادرة نحو 7,600 رطل من المخدرات والقاء القبض على اكثر من 75 فردا لنشاطاتهم غير المشروعة.  الاداء الوردي للطائرات يمثل “الجزء الظاهر من جبل الجليد،” اذ صادق الكونغرس الاميركي مطلع السنة الجارية على قرار رئاسي يخول بموجبه اجهزة الشرطة المحلية صلاحيات اوسع لاستخدام طائرات “الدرونز” في نشاطات المراقبة للمواطنين الاميركيين. كما ان القرار يخول هيئة الطيران المدني تسريع اجراءاتها للموافقة على استخدام تلك الطائرات في الاجواء المدنية من قبل اجهزة الشرطة والامن على كافة تنوعاتها.

        الاطياف السياسية المتعددة اعربت عن قلقها  وخشيتها من تقويض الحريات المدنية. على سبيل المثال، المعلق اليميني المحافظ، تشارلز كراوثهامر، شجع “كل من يطلق الطقة الاولى على طائرات “بريداتور” داخل اميركا باعتباره بطلا.” كما ان اهم جمعية حقوقية، الاتحاد الاميركي للحريات المدنية، اعربت عن شكوكها من صلاحية الاسس القانونية المعتمدة في استخدام “بريداتور.”

        التطبيقات الاولية لادخال “بريداتور” للخدمة الفعلية اسفرت عن اعتقال خمسة افراد اميركيين “لسرقة 6 رؤوس من الابقار،” وبعد تيقن الشرطة المحلية من عدم توفر اسلحة بيد المتهمين، اقدمت على اعتقالهم. هذا الامر بالضبط هم ما يثير المخاوف الحقيقية من توسيع سلطات اجهزة الشرطة والامن الداخلية، لا سيما انتهاكها للقانون المركزي الصادر عام 1878، قانون بوسي كوميتاتس، للفصل بين مهام القوات العسكرية واجهزة الشرطة “الا بعد اصدار الكونغرس قرارا يخول ذلك” في حالات معينة. كافة اسراب طائرات “البريداتور” تتبع القوات العسكرية في الظرف الراهن.

        مهام المراقبة تشكل احدى الاهتمامات الحقوقية، لا سيما وان بعض الاجهزة الامنية تطالب بتسليح طائرات “بريداتور” للاستخدامات الداخلية ضد المواطنين الاميركيين. للدلالة، افادت شبكة (سي بي اس) للتلفزة المحلية في واشنطن ان “نائب رئيس جهاز الشرطة في احدى مقاطعات ولاية تكساس، راندي ماكدانيال … صرح بأن مسؤولي الجهاز ينظرون في امكانية استخدام الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع من على متن طائرات بريداتور” التابعة لهم.

        اصوات المعارضين لتسليح “بريداتور” تتزايد حدتها، لا سيما للقلق من عدم توفر معلومات دقيقة لمشغلي الطائرات عن بعد مقارنة بالاطقم الارضية. وهي الخشية عينها التي يبديها الاخرون في استخدامها بمناطق مختلفة من الشرق الاوسط، والتي تؤدي الى الانقضاض على مواقع واهداف تنقصها المعلومات المؤكدة.

        كما ان الجدل يتطور الى التشكيك بفعاليتها بالنظر الى الكلفة الاقتصادية العالية. فطائرات “الدرونز” تتطلب ساعة صيانة لكل ساعة طيران تقوم بها، وتكلفتها الاجمالية تفوق الكلفة النظرية، واحيانا كثيرة يتم ابقائها جاثمة في مرابضها بحكم سوء الاحوال الجوية والامطار، كما جاء في تقرير لتقييم الاداء اجري في آذار/مارس الماضي لحساب وزارة الامن الداخلي.

        وافاد التقرير المذكور، ان سرب طائرات “بريداتور” المخصص لعمل هيئة الجمارك وحماية الحدود بالكاد حلق نحو نصف عدد الساعات المفترضة لرغبة الهيئة، سواء على الحدود الشمالية او الجنوبية او فوق مياه بحر الكاريبي. واضاف انه غالبا ما يواجه حرس الحدود نقصا في الطائرات لتوفير المساعدة لهم نظرا لان مسؤولي وزارة الامن الداخلي قاموا باعارتها لاجهزة امنية اخرى لمكتب التحقيقات الفيدرالي وحرس الخيالة في تكساس واجهزة اخرى ولاعمال الاغاثة. يذكر ان كلفة تحليق طائرة “الدرون” تبلغ نحو 3,000 دولار في الساعة، وهي كلفة اعلى بكثير من استخدام الوسائل التقليدية الاخرى لمهام المراقبة. ونظرا لأولوية “بريداتور” على الوسائط الاخرى، فقد تم تخفيض ميزانية المراقبة الجوية بالطائرات العادية لصالح الاولى والتي بلغت تكلفتها نحو 250 مليون دولار في السنوات الست الماضية.

        رواج سمعة “بريداتور” اضاف عاملا اضافيا لاولوية اقتنائها، على الرغم من ادراك حدودها القصوى في مسرح العمليات. اذ تفوق كلفتها الاجمالية ما عداها من وسائط ومردودها اقل بكثير من الوسائط التقليدية؛ كما انها عرضة اكثر من غيرها لاحتمالات الخطأ، علاوة على امكانية اختطافها الكترونيا وتهديدها للحريات المدنية الاساسية.

*مدير مركز الدراسات الاميركية والعربية

  • ·        وجهات النظر في هذا الموضع لا تعبر عن وجهة نظر وكالة أنباء أمريكا إن أرابيك.  الموضوع لا يعبر الا عن وجهة نظر كاتبه.