×

هيومان رايتس: السيسي ومحمد ابراهيم من ضمن اكثر من عشرة ينبغي الحقيق معهم

هيومان رايتس: السيسي ومحمد ابراهيم من ضمن اكثر من عشرة ينبغي الحقيق معهم

قال كينيث روث: “إنه لأمر مروع ومحطم للقلوب أن تخبو آمال الكثير من المصريين في أعقاب انتفاضات 2011، وسط الدماء المراقة في عمليات القتل الجماعي في العام الماضي”. وذلك بحسب بيان هيومان رايتس.

وتتمثل الجرائم ضد الإنسانية في أفعال إجرامية ترتكب على نطاق واسع أو على أساس ممنهج كجزء من “هجوم موجه ضد سكان مدنيين”، بمعنى وجود درجة من درجات التخطيط أو السياسة القاضية بارتكاب الجريمة. وتشمل تلك الأفعال القتل والاضطهاد لأسباب سياسية، و”الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية”. وبالنظر إلى الطبيعة الممنهجة واسعة النطاق لوقائع القتل هذه، والأدلة التي توحي بأنها شكلت جزءاً من سياسة تقضي باستخدام القوة المميتة ضد متظاهرين عزل في معظمهم لأسباب سياسية، فإن أعمال القتل هذه ترقى على الأرجح إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية. والحظر المفروض على الجرائم ضد الإنسانية من المبادئ الأكثر أساسية في القانون الدولي، ويمكن أن يمثل أساساً للمسؤولية الجنائية الفردية في المحاكم الدولية، وكذلك في المحاكم الوطنية لبلدان عديدة بموجب مبدأ الاختصاص الشامل.

منذ أحداث يوليو/تموز وأغسطس/آب 2013، وبالإضافة إلى مواصلة فتح النار على المتظاهرين، انخرطت السلطات المصرية في حملة قمعية على نطاق لم يسبق له مثيل في السنوات الأخيرة، بما في ذلك فرض قيود مشددة على حريات التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، فقامت بتنفيذ حملات جماعية للاعتقال التعسفي والتعذيب، وحرمان المحتجزين وبينهم ما لا يقل عن 22 ألفاً من مؤيدي الإخوان المسلمين من الحقوق الأساسية في سلامة الإجراءات، وإصدار أحكام جماعية بالسجن لفترات طويلة والإعدام على المعارضين.

أنشأت الحكومة لجنة رسمية لتقصي الحقائق للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان منذ 30 يونيو/حزيران 2013، كما قام المجلس القومي لحقوق الإنسان، ذي الصفة شبه الرسمية، بإصدار تقرير منفصل في مارس/آذار 2014 يرد فيه أن قوات الأمن استخدمت القوة المفرطة في رابعة. ومع ذلك فلم تكن هناك محاسبة رسمية على ما حدث، ولا أية تحقيقات أو ملاحقات قضائية ذات مصداقية. وقد رفضت الحكومة الإقرار بأي خطأ من جانب قوات الأمن. وبدلاً من هذا أعادت رصف الشوارع وبناء المباني المتضررة، ووزعت المكافآت على أفراد القوات المشاركة في عمليات الفض، وأقامت نصباً تذكارياً لتكريم الشرطة والجيش في قلب ميدان رابعة.

قال كينيث روث: “إن جهود الحكومة المستمرة لسحق المعارضة، وكنس انتهاكاتها تحت البساط، وإعادة كتابة التاريخ، لا يمكنها أن تمحو ما حدث في رابعة في العام الماضي. وبالنظر إلى إخفاق مصر المدوي في التحقيق في تلك الجرائم فقد آن للمجتمع الدولي أن يتدخل”.

لقد حددت هيومن رايتس ووتش أكثر من عشرة من كبار القادة ضمن تسلسل القيادة الذين ينبغي التحقيق معهم لدورهم في أعمال القتل تلك، وبينهم وزير الداخلية إبراهيم، ووزير الدفاع آنذاك والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، ومدحت المنشاوي قائد القوات الخاصة وقائد عملية رابعة. وحيثما توافرت أدلة على المسؤولية، تنبغي محاسبة هؤلاء الأشخاص فردياً على التخطيط والتنفيذ أو الإخفاق في منع القتل الممنهج وواسع النطاق المتوقع للمتظاهرين.

وعلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنشاء لجنة لتقصي الحقائق للتحقيق في وقائع القتل الجماعي للمتظاهرين منذ 30 يونيو/حزيران 2013. كما ينبغي توجيه التهم الجنائية إلى المتورطين في تلك الأفعال، بما في ذلك أمام محاكم تطبق مبدأ الاختصاص الشامل. وعلى الدول أيضاً تعليق مساعداتها العسكرية والمتعلقة بإنفاذ القانون المخصصة لمصر حتى تتبنى إجراءات لإنهاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

قال كينيث روث: “يواصل ميراث مذبحة رابعة إلقاء ظلاله القاتمة على مصر، التي لن تمضي للأمام حتى تتوصل إلى تفاهم مع هذه البقعة الدموية التي تلطخ تاريخها”.

أدلة من أقوال الشهود
“وقف أحمد، وتجاوز البوابة [التي كنا قد أقمناها] ورفع ذراعيه قائلاً: “نحن سلميون، لا يوجد شيء هنا”. وعندها قام ضابط من وزارة الداخلية ـ كان يلبس زياً أسود، زي القوات الخاصة، ويحمل بندقية ـ بتذخير سلاحه استعداداً للإطلاق. فوقفت في محاولة لإبعاد أحمد عن طريقه. وكنت على بعد خطوة واحدة، لكنني عجزت عن التحرك. لم أستطع سوى مناداته باسمه. أصابه الضابط في صدره بأربعة طلقات، فسقط” ـ متظاهر عمره 17 عاماً يصف وفاة أحمد عمار، الذي كان بمثابة الأب له.

“ثم رأيت رجلاً يقف بجوار النافورة في منتصف طريق النصر عند تقاطع يوسف عباس. كان المشهد صعباً. لقد تلقى رصاصة في كتفه وسقط. وحاول النهوض فتلقى رصاصة في ساقه. وبدأ يزحف، وتتسرب منه الدماء. كان الوحيد في المواجهة، وظل يتلقى الرصاص في ذراعيه وصدره. لقد تلقى ما لا يقل عن 8 رصاصات. كانت الرصاصة تأتي فيرتعد ثم لا يتحرك… حاولنا جره إلى حيث السلامة، لكننا عجزنا [لبعض الوقت] بسبب النيران” ـ متظاهر، طالب بجامعة الأزهر.

“رأيت 3 مدرعات أمام المستشفى، كانت الشرطة تطلق منها النيران. كنت هناك تماماً خلف [مكتب] الاستقبال ورأيتهم يضربون بقوة. اختبأت خلف المكتب للاحتماء. واستمرت النيران لمدة 15 دقيقة. أصيب أولئك الذين عجزوا عن الاختباء وهم وقوف. مرت الرصاصات بجانبي وكسرت الزجاج. كانت لحظة من الفزع. ظننت أن أجلي قد حان. شحنت هاتفي وخطر لي، والرصاص يتطاير من حولي، أن الأمر انتهى وسوف ألقى حتفي. ثم أخرجت هاتفي واتصلت بأمي” ـ أسماء الخطيب، صحفية مصرية.

“وسمعت شرطياً يصيح: ’أسرعوا، امضوا من هنا إلى هناك‘، وكان بوسعك سماع صوته يرتعد. كان هناك طابور من [نحو ستة من] الرجال، وكانوا يسيرون بأيديهم فوق رؤوسهم. وفجأة أطلق الشرطي النار، ثم رأيت رجلاً على الأرض. لقد قتل ذلك الرجل بدون أي سبب” ـ إحدى السكان المحليين التي تطل شقتها على شارع جانبي متفرع من ميدان رابعة.

“دخلوا المبنى وقتلوا خمسة حولي… لم أكن واثقاً مما يجب أن أفعل. لم يكن أمامي مكان أذهب إليه. كان دوري قد حان، وحان أجلي. دخلوا الغرفة وقالوا إننا سنموت. نادوني وقالوا لي أن أغادر المبنى. ودخل ضابط قائلاً: “لا تقلق!” فأنزلت يديّ وعندها ضربني. وصفونا بالكلاب وبشتائم أخرى. وكان كل منهم يضربنا بطريقة مختلفة. كنت بالطابق الأول ولا أدري ماذا أفعل. قال الضابط إننا إذا لم نهرب فسوف يقتلوننا، لكن أحدنا هرب ووجدته ميتاً على الأرض. بصق الضابط على رجل الشرطة الذي أطلق النار قائلاً: ’لماذا لم تطلق النار على عينه؟‘” ـ طالب يدرس علوم الحاسب الآلي، واصفاً المشهد فيما كانت قوات الأمن تدخل المبنى الذي احتمى به مع متظاهرين آخرين.