خطوات على درب الحرية:بقلم عماد مكي :
الغضب الأمريكي على فلسطين
بقلم عماد مكي
رئيس تحرير وكالة امريكا ان ارابيك
(يسمح بإعادة النشر مع ذكر المصدر)
هذا الغضب الغربي على فلسطين له أسبابه الجوهرية. فالرئيس الأمريكي بايدن يكذب حينما يدعي ان تدخله العسكري في فلسطين لأسباب إنسانية او حزنا على مقتل أمريكيين فهو وأعضاء مجلس الامن القومي الأمريكي يخفون الأسباب الحقيقية.
عبر العقود الماضية كانت مهمة الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا كانت هي الحفاظ على الترتيب العالمي كما برز بعد الحرب العالمية الثانية، وهو الترتيب الذي يهيمن فيه الغرب الرأسمالي على العالم. ومن اساليب الحفاظ على ذلك الترتيب قتل أي امل يبرز امام الشعوب في وجود منافس او حتى تحدي للغرب وسياساته. بصورة أخرى، دفن تلك المنافسة في المهد بكل الطرق المشروعة أحيانا وبالطرق غير المشروعة في اغلب الاوقات مثل استخدام الدسائس والضغوط الاقتصادية والانقلابات العسكرية والتمويل الخفي والمقاطعات وحتى التدخل العسكري الفج.
وكانت ضربة المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي ضربة تعدى مداها مناطق الاحتلال الى زعزعة ذلك المشروع الغربي في منطقة الشرق الأوسط وضربه في صلبه.
وتفصيل ذلك اكثر هو – ان الغرب يدعم هيمنة الدولة الصهيونية على المنطقة العربية والإسلامية كجزء من هيمنته هو عليها. ولقد اعتمدت دولة الاحتلال في أداء دورها المرسوم في التسلط على العرب اتباع سياسة عسكرية غاية في العدوانية والهجومية. من ركائز تلك السياسة: –
اولا : دائما نقل المعركة لأرض العرب والمسلمين سواء في شكل ضربات عسكرية صريحة او اثارة القلاقل والاضطرابات في تلك البلاد حتى تنشغل بشئونها الداخلية المضطربة.
وثانيا: الاعتماد على الترويج لما يسمى بالتفوق العسكري الكبير وفي قلب ذلك هو التفوق التكنولوجي كعامل ردع فعال.
ومن هنا كانت ضربة السابع من أكتوبر هي تفجير لأصول ذلك الفكر الاستراتيجي الصهيوني عبر ٧٥ عاما من الاحتلال وكانت هدما لسياسة الردع الصهيونية. ذلك اليوم هو واحد من اهم التحديات العملية في السنوات الأخيرة للترتيبات الغربية السائدة والتي يقترب عمرها من قرن كامل من الهيمنة والتسيد شبه المطلق.
لقد فزع الغرب ايما فزع وعلى رأسهم أمريكا بعدما تبينوا ما حدث على حقيقته. هذا الفهم الذي وصلهم يفسر حالة الغضب والحنق على فلسطين – منزوعة السلاح والمعدمة – التي ظهرت بعد ذلك اليوم والتي تشبه حربهم على روسيا وهي الدولة النووية الكبرى.
ما وصلهم كان:
– رسالة زعزعة وتهديد اصيل لوجود إسرائيل في المنطقة وبالتالي للنفوذ الغربي.
– اهانة إسرائيل كما حدث على يد أهل غزة كشف حجمها الحقيقي كما هو كشف للغرب.
– المنطقة الوحيدة القادرة على مواجهة الهيمنة الغربية بلا خوف هي المنطقة العربية والإسلامية بعدما ركعت معظم مناطق العالم.
– فبعد تلك الهزيمة لإسرائيل وتلك الخسارة الفادحة ما الذي يضمن – في المنظور الاستراتيجي الغربي –الا تتجرأ جماعات أخرى بل دول بأكملها على تكرار ما حدث؟
-بل الأسوء من ذلك – في المنظور الأمريكي والغربي – ان اظهار إسرائيل بحجمها الحقيقي ينزع عامل الردع من قلوب الجيوش العربية ومن عناصر المقاومة الأخرى على اختلاف توجهاتها.
– كما انه يجعل العواصم العربية المتكالبة حاليا على التطبيع تتريث حيث ترى الان ان إسرائيل في حقيقة الامر لا توفر الغطاء الدبلوماسي الكافي او الحماية الحقيقية التي كانت تروج لنفسها بها لا بالسلاح ولا بالمخابرات ولا بتكنولوجيا التجسس والمراقبة باهظة الثمن.
وعليه أصبح رد الفعل الأمريكي الان هو محاولة استعادة كل ذلك واستعادة ذلك التوازان و الترتيب القديم عن طريق محي فكرة المقاومة ذاتها بالكلية. وهو ما يفسر حملة السب والتشويه للمقاومة.
وبالطبع لا تصرح الدول الغربية بذلك فتلجأ الى تبريرات منها حماية المدنيين او محاربة الإرهاب او مقتل أمريكيين ومدنيين وهكذا وكلها مبررات واهية إعلامية فقط لكسب الجمهور في تلك البلاد وتخفيف حدة المعارضة الرسمية او الشعبية في الدول العربية والإسلامية. وهي تبريرات لا يصدقها في بلادنا الا من كانت ميوله معادية للمنطقة ابتداءا.
ان نزع قوة المقاومة البازغة والتجييش ضد روح المقاومة في غزة وفلسطين ككل هو استمرار للسياسة الغربية وتحذير للمنطقة العربية والإسلامية بعدم تكرار ذلك من أي حد سواء كان دول او جماعات او افراد.
فهل سينجح العجوز بايدن ورجاله في الامن القومي في ذلك؟ ام ان المنطقة على موعد حقيقي مع الامل؟
الإجابة في المقال القادم
عماد مكي
لوس التوس – كاليفورنيا