×

واشنطن تتهم روسيا اليوم بالتضليل الإعلامي

واشنطن تتهم روسيا اليوم بالتضليل الإعلامي

بقلم ريتشارد ستينغل
إن موسكو تعرّض الأوكرانيين والروس وباقي العالم لحملة تضليل إعلامي مكثفة تسعى لإضفاء صورة خطرة وزائفة على حكومة أوكرانيا الشرعية. وشبكة التلفزة الروسية “روسيا اليوم”، التي تمولها الحكومة الروسية وتتخذ من موسكو مقرا لها، هي فاعل أساسي في حملة التضليل هذه. وإلى جانب برامجها بالروسية تبث المحطة برامج تلفزيونية باللغة الإنكليزية من واشنطن.

في الأسبوع الماضي، وصف وزير الخارجية كيري “روسيا اليوم” بأنها “بوق دعاية” يروج لــ “خيال” الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وكان رد الفعل صرخة احتجاج متوقعة من مدير تحرير المحطة الذي زعم أن وزارة الخارجية الأميركية لا تعلم سوى القليل عما يدور حقيقة في أوكرانيا في الوقت الحاضر، متجاسرًا بطلب الاعتذار.

لقد أمضيتُ سبع سنوات كمدير إدارة تحرير في أسبوعية “تايم” قبل أن أنضم إلى وزارة الخارجية. وأنا أفهم الفوارق بين الأخبار والدعاية والرأي. فالدعاية هي النشر المتعمد للمعلومات التي يعلم المرء أنها خاطئة أو مضللة لغرض التأثير على مستمعين أو قراء.
فمما أذيع عن تأكيدات بأن متظاهرين سلميين وظفوا قناصة إلى مزاعم متكررة بأن العنف والفاشية ومعاداة السامية تخيم على كييف، فإن أكاذيب من هذا القبيل تقدّم كأخبار. والرأي هو شخصي وليس بيان حقائق. والآراء مهما كانت مثيرة للإشمئزاز هي كلام قابل للدفاع عنه بصورة تعجز عنه الإدعاءات الزائفة. وشبكة روسيا اليوم هي آلة للتحريف، لا مؤسسة أخبار.

خذ مثلا الطريقة التي تلاعبت فيها روسيا اليوم بما ورد عن مكالمة هاتفية مسرّبة طالت رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو. فمن خلال تحرير انتقائي للخبر جعلت الشبكة الأمر يبدو وكأن تيموشينكو تحبّذ العنف ضد روسيا، أو الإشارة المتواصلة لأي أوكراني مناهض لاحتلال روسيا للبلاد على أنه “إرهابي”. أو التكرار الجازم للزعم السخيف في الأسبوع الماضي بأن الولايات المتحدة وظفت مبلغ 5 بلايين دولار لتغيير نظام الحكم في أوكرانيا. وتلك ليست حقائق ولا هي آراء. بل مزاعم خاطئة وحينما تقدم الدعاية كأخبار فإنها تولّد أخطارا حقيقية وتعطي ضوءا أخضر لأعمال عنف.

وأحيانا تكون هذه الأقاويل مزاعم لا يستطيع تحملها حتى الناس المستأجرون لإطلاق هذه الإدعاءات. فانحياز شبكة “روسيا اليوم” الجلي أفضى إلى عصيان غير مسبوق على الهواء. أولا، مضيفة البرامج في “روسيا اليوم- أميركا” آبي مارتن أدانت غزو روسيا للقرم في نشرة إذاعية. ثم قدمت مقدمة الأخبار ليز وال استقالتها على الهواء قائلة: “لا يمكنني أن أكون جزءا من شبكة تمولها الحكومة الروسية لتبرئ أعمال بوتين.”

نعم، ورغم كل ما سبق، فإنني أدافع عن حق روسيا اليوم في البث. فالتعديل الأول على الدستور الأميركي يحمي الكلام الذي نرفضه بقدر ما يحمي الكلام الذي نتقبله. ووزارة الخارجية تسهل تغطية شبكة روسيا اليوم بمنحها وصولا غير مقيد لمؤتمراتنا الصحفية. ولا أحد يحاجج بأنه يتعين وقف إرسال روسيا اليوم كما فعلت روسيا حينما أنهت فجأة الترخيص الذي كان يتيح لصوت أميركا أن تبث للروس. إن الوصول الحر للمعلومات هو مبدأ أساسي حتى عندما تكون المعلومات ليست أكثر من دعاية بشكل أو بآخر. لكن الشبكة ومحرريها ينبغي ألا يتظاهروا بأن روسيا اليوم هي ليست أكثر من فاعل آخر في حملة التضليل الإعلامي العالمية لروسيا ضد شعب أوكرانيا ومؤيديه.
هذه المدونة التي كتبها ريتشارد ستينغل نشرت على صفحة موقع وزارة الخارجية “ديبنوت”. ستينغل الذي كان في السابق مدير إدارة تحرير في أسبوعية “تايم” يشغلحاليا منصب وكيل  وزارة الخارجية لشؤون الدبلوماسية العامة والشؤون العامة.