ووتش: الاردن تسنغل القانون لإسكات منتقديها
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية إن السلطات الأردنية حنثت بعهود للإصلاح باعتقالها واتهامها لنشطاء بتهم متعلقة بالتعبير. وألقي القبض على ثلاثة نشطاء على الأقل في الأشهر الأخيرة، ووجهت إليهم تهم تتعلق بالتعبير بموجب قانون الإرهاب ذات الطبيعة الفضفاضة، وهم رهن المحاكمة في محكمة أمن الدولة في الأردن.
ويشمل هؤلاء المعتقلين الذين يواجهون المحاكمة بسبب تعبيرهم عن آرائهم، زكي بني ارشيد، زعيم الحزب السياسي المرتبط بـ الإخوان المسلمين في الأردن، ومحمد سيد بكر وهو مسؤول كبير في الإخوان، ويوسف الصمادي، وهو ناشط مستقل.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “وصف التعبير بـ’الإرهاب’ لا يخفي حقيقة أن الأردن ما يزال عازماً على تكميم أفواه مواطنيه الذين يتحدثون بحرية. نال الأردن الإشادة بعد الحد من الولاية القانونية لمحكمة أمن الدولة، ولكنه ترك على أرض الواقع ثغرات واسعة للسلطات للاستمرار في العمل كالمعتاد”.
تأسست محكمة أمن الدولة في عام 1959 بولاية قضائية على جرائم قانون العقوبات التي تلحق الضرر بالأمن الداخلي والخارجي للأردن. وليست المحكمة مستقلة عن السلطة التنفيذية، حيث يعيّن رئيس الوزراء قضاة عسكريين بناءً على توصية من قادة هيئة الأركان المشتركة في الجيش، في حين يقوم المجلس القضائي الأردني بتعيين القضاة المدنيين. ويعمل قضاة أمن الدولة في لجان ثلاثية – بعضها عسكري، وبعضها مدني، فيما يكون البعض الآخر خليطا منهما. وجميع أعضاء النيابة العامة هم من ضباط الجيش.
وأقر المشرعون الأردنيون إصلاحات لقانون محكمة أمن الدولة في أوائل عام 2014 للحد من ولايتها القضائية على اتهامات الإرهاب وأربع جرائم أخرى. لكن المشرعين لم يتخلصوا من الأحكام الفضفاضة المستخدمة لتقييد التعبير السلمي من قوانين الإرهاب. و قاموا بدلاً من ذلك بتوسيع قانون مكافحة الإرهاب ليشمل مفاهيم غامضة مثل “تعكير صلات [الأردن] بدولة أجنبية”، والتي يتم تفسيرها لتشمل سياسات انتقاد الدول المجاورة.
وألقت الشرطة القبض على بني ارشيد، القيادي في حزب جبهة العمل الإسلامي السياسي، في 20 نوفمبر/تشرين الثاني واتهمته في 8 ديسمبر/كانون الأول بـ”تعكير صلات [الأردن] بدولة أجنبية” بموجب قانون الإرهاب في أعقاب انتقاده لدولة الإمارات العربية المتحدة في 15 نوفمبر/تشرين الثاني من خلال تعليق نشره على موقع فيسبوك. وهو الآن في سجن ماركا في شرق عمان وسيخضع للمحاكمة في محكمة أمن الدولة. وذكرت صحيفة جوردان تايمز أن فريق الدفاع عنه تقدم بطلب كفالة في 24 نوفمبر/تشرين الثاني لكن الطلب رُفض في وقت لاحق.
وكان تعليق الفيسبوك الذي جاء في معرض رده على تصنيف دولة الإمارات العربية المتحدة لجماعة الإخوان المسلمين على أنها “منظمة إرهابية”، لا يدعو إلى العنف. ويتهم التعليق دولة الإمارات العربية المتحدة بالتواطؤ مع إسرائيل ويدعو لطرد الإمارات العربية المتحدة من مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. ويقول:
“تقوم القيادة المتنفذة في الإمارات بدور الشرطي الأمريكي في المنطقة وبأقذر الأدوار الوظيفية خدمة للمشروع الصهيوني الماسوني وتقف خلف كل أعمال التخريب والتدمير لمشروع الأمة [العربية] وتتآمر على قضايا الأمة [العربية] وضد حركات التحرر الوطني وتدعم الانقلابات وتتبنى تمويل حركات التجسس والاغتراب فهذه القيادة هي الخلايا السرطانية في جسم الأمة العربية.
ولطالما كان “تعكير صلات [الأردن] بدولة أجنبية” جريمة مدرجة على لائحة قانون العقوبات الأردني لسنوات عديدة، واستخدمت من قبل النيابة العامة الأردنية ضد أي تعبير يحمل نقداً للحكام الأجانب. وقد نزع قانون إصلاح محكمة أمن الدولة، الذي أُقر في وقت سابق من عام 2014، هذه التهمة عن الولاية القضائية للمحكمة، ولكن في أبريل/نيسان، نقض مشرعون هذا الإصلاح بإضافة حكم تشريعي لقانون الإرهاب الأردني، بعقوبة من 3 أعوام إلى 20 عاماً في السجن.
ودافع رئيس الوزراء عبد الله النسور عن المحاكمات بدعوى أن الأمر هو مسألة معاقبة لـ”التشهير” بدولة الإمارات العربية المتحدة، مضيفاً أنه كان يتوجب على بني ارشيد “أن يقرأ القانون قبل كتابة هذا التعليق”. وأخبر عضو آخر في مجلس الوزراء صحيفة جوردان تايمز بأنه لا يمكن اعتبار بني ارشيد “سجيناُ سياسياُ” لأن “المرء [يعتبر] ‘سجيناً سياسياً’ فقط عندما يتم القبض عليه بسبب رأيه. ليس الأمر في الأردن على هذه الشاكلة”.
وقد تعهدت دول مجلس التعاون الخليجي المجاورة في عام 2011 بتزويد الأردن بما قيمته 5 مليارات دولار أمريكي على شكل معونات تنموية، منها 1.25 مليار دولار أمريكي من دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقالت سارة ليا ويتسن: “من المُعيب أن يركز القادة الأردنيون اهتمامهم بشكل أكبر على عدم إيذاء مشاعر الزعماء الأجانب الذين يقدمون الدعم المالي للحكومة على حساب الاهتمام بحقوق المواطن الأردني. إن لم يتمكن المواطن الأردني من أن ينتقد السياسيات في المنطقة سلمياً، فما الخيارات المتاحة أمامه للتعبير عن رأيه السياسي؟”.
وهناك تهمة أخرى غامضة استغلتها النيابة العامة للحد من حرية التعبير هي المادة 149 من قانون العقوبات، والتي تحظر “تقويض نظام الحكم السياسي في المملكة أو التحريض على مناهضته”. ويصنف قانون العقوبات هذه التهمة على أنها من أحكام الإرهاب، وعليه فإنها تندرج تحت الولاية القضائية لمحكمة أمن الدولة.
واعتقلت الشرطة بكر في سبتمبر/أيلول 2014 بتلك التهمة إثر خطاب في 6 أغسطس/آب خلال مسيرة للإخوان احتجاجاً على الاجتياح الاسرائيلي لقطاع غزة. تحتمل التهمة عقوبة من 3 أعوام إلى 20 عاماً في السجن. ويقبع بكر حالياً في سجن ماركا.
وتنص لائحة اتهام بكر على أنه يحمل أفكاراً “مناهضة للنظام السياسي” و”بقيت تلك الأفكار تراوح مكانها لدى المشتكى عليه حتى أوائل شهر أب من العام الحالي 2014 حيث وجد من الأحداث الجارية في قطاع غزة انذاك … الفرصة التي تمكنه من التعبير عن تلك الأفكار مستغلاً بذلك مشاعر الغضب التي كانت قد اجتاحت الشارع العربي …”.
تحدث بكر في الخطاب ساخراً من الدور الذي لعبه الأردن ودول إقليمية أخرى في النزاع، وقال:
شكرا لكم يا أيها الأغبياء لو ان اصغرنا كلف بوضع خطه لتحجيم حماس لوضع خطة أحكم من خططكم ايها السفهاء.,, ومن منكم يستحي ويخجل أن ينتمي لجيش من جيوش العروبة اليوم فليستغفر الله لأنه خطيئة أن تنتسب لجيش لا ينتصر إلى دماء تسيل [في غزة].
White House Picutres