شهادتي على”وادي المساخيط” بنقابة الصحفيين
يسمح باعادة النشر – من “وادي السيليكون” الى “وادي المساخيط”
وسبعة اسباب لحل مجلس نقابة الصحفيين – بقلم عماد مكي*
لمجلس نقابة الصحفيين الحالي السبق في سبعة امور كلها ضار بالصحفيين اولا قبل اي شخص أخر.
ربما كان هذا المجلس الاقل مهنية في تاريخ النقابة، وهو الاكثر ميلا للنشاط السياسي باتجاه اقصى اليسار، وهو الاول الذي يتحكم فيه السكرتير العام لا النقيب، وهو الاكثر الذي يفرض فيه الموظفون الاداريون سطوتهم في جزء من صناعة القرار، وهو المجلس الاقل هيبة في تاريخ النقابة مع الدولة ومع الجمهور واخيرا هو الاكثر معاداة للصحفيين المهنيين، واهمالا في حقوقهم في حين انه الاكثر محاباة للنشطاء وحديثي الاسنان الصحفية.
عدت الى القاهرة منذ اشهر بعد سنوات قضيتها في الولايات المتحدة حصلت خلالها على عدة جوائز صحفية وزمالات رفيعة وعملت مع صحفيين مهنيين من عدة دول هم من علامات الصحافة العالمية الرصينة. تجربتي الصحفية اخذتني الى وكالة انتر بريس سيرفيس في واشنطن و وكالة بلومبرج العالمية وتأسيسي وكالة امريكا إن ارابيك في واشنطن ثم التدريس في جامعة ستانفورد علاوة على الجوائز العالمية والزمالات الاكاديمية.
وكان قرار العودة للقاهرة وبدء عدة مشروعات صحفية جديدة تعتمد على شباب الصحفيين بغرض المساهمة في تدشين صحافة عالمية راقية من مصر ترمي لنقل الصحافة مع زملائي المحترمين الى صحافة المعلومة والبحث والتقصي وتمكين الجمهور الحبيب وابتعادا عن صحافة الرأي والثرثرة وابتزاز رجال الاعمال.
لم الق بال للنصح المتكرر بعدم العودة الى مصر لضياع المهنية وحرب الصحفيين انفسهم على الناجحين والنابهين منهم خصوصا في نقابة الصحفيين الا اني حبي لوطني ومهنتي فاق ذلك.
من وادي السيليكون الى وادي المساخيط:
وكانت اول محطة لي في غمرة حماسي بعد العودة هي اجرائية بتجديد “كارنية” نقابة الصحفيين التي انا عضو بها لما يزيد عن 18 عاما ظنا مني انها على عهدها السابق من الاحترام والهيبة والوقار والرفعة واعلاء قيمة الصحفيين.
في زيارتي لمبنى النقابة في عبدالخالق ثروت، كان في مخيلتي احسان عبدالقدوس وتوفيق الحكيم وعلي ومصطفى امين وغيرهم من كبار الكتاب؛ لكن ما شاهدته لم يمكن نقابة الصحفيين التي عهدتها ولكني عاينت شيئأ اقل ما يوصف به انه “واديا للمساخيط”.
,وبعد ان عشت لفترة طويلة في “وادي السيليكون” بولاية كاليفورنيا حيث فيس بوك، وتويتر، وابل وجوجل وهيولت باكارد اذ بي في “وادي الضغائن والصغار والروتين ومجلس عبدالرحيم”.
الموظفون في نقابة الصحفيين ومجلس النقابة يحتلون اول ثلاثة اوار من المبنى . هناك الكل يتعنتون يتعالون ويمنون على الصحفيين بشكل غير مسبوق لم اعهده في كل سفرياتي ابدا في اي مكان يتعامل مع الصحفيين. عدوانية غير آدمية ومراوغة مؤسسية خصوصا من مكتب السكرتير العام. الموظفون يتعاملون بلغة الاشارات والغمز والرسائل الكودية كأنهم في مركز استخباراتي. جو غر لائق بالمرة.
حتى الحمامات هي اقرب للمراحيض العامة في محطات فطارات الول الفقيرة ولا ينقصها غير العبارات الثورية والسب داخل ابواب الحمامات.
وكانت المفاجأة الاكبر ان هناك قرارا مدفونا غير معلن بمنع تجديد كارنية النقابة لي شخصيا بحجة لم اسمعها من قبل وهي عدم دفعي” اشتراك النقابة لمدة خمس سنوات” اثناء سفري وبدون اخطاري او التواصل معي باية طريقة.
تعجبت اين تذهب الملايين التي تنفق على النقابة من اموال دافعي الضرائب اذا كان كل شي مزري لهذا الحد، وبون تكنولوجيا لتواصل مع الاعضاء اوتطور المكان او حتى تحافظ على نظافته.
اتصلت بيحيى قلاش في صيف 2015 معتقدا حرصه على الصحفيين وعلى العمل الصحفي الحقيقي والحفاظ على الناجحين عمليا، لاجد الامر يرثى له، و يحال موضوعي الى المهيمن الحقيقي في النقابة وهو صحفي بصحيفة قومية عرفت لاحقا ان اسمه جمال عبدالرحيم ويساعده في التحكم في النقابة مديرها الاداري موظف اسمه سعيد حسني.
حرية الصحافة المزعومة:
خرجت من النقابة وانا على يقين ان الادوار الثلاثة الاولى في نقابة الصحفيين هي مكان يهيمن عليه الخوف. هي اكثر ثلاثة ادوار ربما في العالم كراهية للنجاح الصحفي واعنفها غيرة وحقدا عليه وانها من اهم اسباب تخلف الفكر الصحفي ونقص التطور في المهنة المصرية بل والعربية.
قلة قيمة
شعرت ان التجربة كانت “قلة قيمة” وشعرت بخطأ انحداري للتعامل مع هذه المنظومة المدمرة مهنيا.
حديثي مع يحيى قلاش وعبدالرحيم لم يختلف ولو لبرهة عن حوار مدير النقابة الاداري، لا فرق بين صحفي واداري. حينها ادركت ان هذا المجلس هو مجلس قلم الارشيف لا صحفي ولا مهني ولن يفهم معنى الاضافات الصحفية والمعلوماتية. اذا من يدفع خمس سنوات هو الصحفي ومن يعمل صحفيا دوليا ليس مهما. منتهى الانحدار.
“اب يورز”
الحقيقة كان رد فعلي الاولي رد فعل امريكي بحت حيث قلت لهم في ذهني طبعا “تجديد كارنيه النقابة ده اب يروز” لست بحاجة اليه.
فانا لم احصل في تاريخي على بدل النقابة الذي تقاتل عليه امثال اعضاء مجلس النقابة في بداية حياتهم . ولم اسع خلف اية مزايا تقريبا من النقابة لعدم حاجتي لها واعتقادي انها تقلل من الاستقلال الصحفي. نجاحي في الولايات المتحدة يكفي من كل النواحي تقريبا. اذا “اب يورز”.
ازمة الداخلية:
غير ان احداث النقابة الاخيرة لفتت نظري الى امر مهم وهو ان ذلك المجلس ركب حصان الاخلاقيات والحفاظ على الصحفيين، في حين انه في الواقع تخطى حدود المهنة الى احداث الضرر فعلا وبدلا من خدمة الصحفيين اخذ في خداعهم وجرهم الى معارك وهمية افتعالية.
ادركت انه لا يجب تسليم رقبة الصحفيين المصريين لمثل هذا المجلس المخرب للمهنة وان على الجميع المشاركة في تغييره.
مجلس عبدالرحيم يتصرف في المكان كسيارة ملاكي موديل العام.
شعارات الحرية والصحافة التي رفعها في الازمة الاخيرة مع الداخلية هي حق يراد به باطل وهي ابتزاز دنيئ للنظام الحاكم في مصر، بغض النظر عن الاتفاق معه سياسا ام لا.
ان قرار معاداتي من مجلس النقابة لم يكن مجرد حقد مهني. لقد فتحت النقابة اذا ابوابها لغير الصحفيين في الاحداث الاخيرة. بل تحرك يحيى قلاش ودفع جموع شباب الصحفيين من اجل موقف سياسي محض لا مهني.
اذا كان المجلس يدافع عن الصحفيين حقا فما موقفهم من وجود نقابيين في السجن مثل الاستاذ مجدي حسين مثلا؟ او الصحفي الدكتور هشام جعفر؟
ومجلس النقابة اذا المكون من 12 شخص يسمح لصغار المبتدئين بالانضمام الى النقابة في خطة ممنهجة -لاحلال النشاط السياسي اليساري محل المهني – طالما انتموا لهذا التوجه.
دور موضوعات التمويل والفساد:
ان الاحداث الاخيرة فتحت عيني ايضا على ان الانتماء السياسي لمجلس عبدالرحيم هو السبب الفعلي في معاداتي وفي الموقف الاخير مع الداخلية. حيث ان وكالة امريكا ان ارابيك التي اسستها في واشنطن كانت الكاشف لتمويل النشطاء السياسيين في مصر في سلسلة الموضوعات الرائعة التي لاقت رواجا جماهيريا منقطع النظير في اواخر 2011 وبدايات 2012 والتي كشفت الوكالة فيها اسماء المنظمات التي تتلقى تمويلا امريكيا مستترا.
كما كشفت وكالة امريكا إن ارابيك اسماء بعض الصحفيين والناشرين الممولين واسماء بعض النشطاء في اقصى اليسار الذين يهيمنون ايدلوجيا الان على مجلس نقابتي.
وهنا اتضح ان نقابة الصحفيين تحولت لمجلس انتقامي يعاقب – على امكاناتهم المهنية المتواضعة- المخالفين لهم في العمل المهني والمخالفين لايدلوجيتهم السياسية، بل والمتفوقون عليهم صحفيا.
لقد استطاع المجلس الحالي اخافة الصحفيين من الداخلية على الرغم ان انعدام هيبة المجلس وانخراطه في العمل السياسي وتجميع الصغار والمساخيط حوله هي من جرأت الضباط على دخول النقابة في المقام الاول.
وعلى السابق احب ان اشرك الجمهور في الاخبار التالية:
اولا: عزم وكالة انباء امريكا ان ارابيك على استئناف سلسلة التمويلات الاجنبية قريبا رغم كل الصعاب والمشاكل، فولائنا للجمهور المصري لا لمجلس النقابة مهما بلغت “الاعيبه” السياسية ودسائسه وطعناته من الخلف.
ثانيا: سيتم الكشف عن تمويلات اجنبية طالت وسائل اعلامية مصرية تدعم مجلس النقابة الحالي.
ثالثا: الانضمام لاي مجهود لحل المجلس الحالي وسحب الثقة منه ومحاسبته واعتبار قرارته السابقة غير مهنية ولاغية.
رابعا: الاستمرار في خطط المشاريع الصحفية في مصر وجذبا لشباب الصحفيين من محبي العمل المهني الحقيقي. فلا يمكن للصحفي المعلوماتي الحقيقي ان يكون ناشطا سياسيا له اجندته ويحصل على حماية المجتمع والقانون في نفس الوقت.
خامسا: الدعوة الى مجلس نقابة جيد وجديد يساعد في ترسيخ القيم الصحفية والحصول على تعهدات من المؤسسات المصرية بما فيها وزارة الداخلية باحترام العمل الصحفي والنقابي الحقيقي وتقديم كافة التسهيلات لاداء الصحفيين لاعمالهم.
ان مجلس النقابة فر من الكبار والعمالقة وارتمى في احضان”المساخيط”.ولن نسمح ان تتحول الادوار الثلاثة الاولى في مبنى نقابة الصحفيين في ش عبدالخالق ثروت الى “وادي كامل للمساخيط”.
عماد مكي* هو رئيس تحرير وكالة أنباء امريكا إن أرابيك والصحفي الاستقصائي سابقا بقسم الصحافة الاستقصائية بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، وزميل برنامج “جون اس نايت للصحافة” في جامعة ستانفورد الامريكية ومراسل “جلوبال انسايت” ووكالة “انديبث نيوز في الشرق الاوسط.
@MekayEmad