الربيع الامريكي ينشط تجارة الحساسية
واشنطن، 17 مارس/آذار (وكالة أنباء أمريكا إن أرابيك) – على الرغم من قرب انتهاء فصل الشتاء رسميا هنا في الولايات المتحدة إلا أن محطات التليفزيون ووسائل الإعلام الأخرى لا تكف عن الترويج للمناديل الورقية وأدوية انسداد الأنف والكحة ومسكنات الآلام – فلقد بدء موسم ” الحساسية” الذي يحول الربيع في أمريكا إلى موسم من العطس والصداع والإرهاق والدموع لأكثر من 26 مليون أمريكي.
ومن شدة انتشار الحساسية في الولايات المتحدة وشمال أمريكا عموما ظهرت مواقع على الانترنت ترسل نشرات يومية تحذر المشتركين من مستوى ارتفاع نسبة حبوب اللقاح في الجو في الربيع وتقدم نصائح يومية لكيفية التعامل مع المرض الموسمي. فحساسية بعض قوم عن قوم فوائد.
حيث تجد هذه المواقع إقبالا كبيرا عليها كما تزيد نسبة الزوار على مواقع نصائح الطب والعلاج ومنتديات الصحة والأمراض والتي يسعى فيها المصابون بالحساسية الأنفية لإيجاد ما يهدئ من أمراضهم وهو ما يروج للاعلانات على تلك المواقع ويمهد لطرق اخرى من الاعمال.
وتقدر شركة “ويب ميد” الطبية الرائجة انفاق امريكا على علاج الحساسية بحوالي 8 بليون دولار سنويا وتحقق شركات الادوية التي تنتج المواد من “الكورتيزون” او “مضادات الهيستامين” علاوة شركات انتاج تخفيف الاحتقان الانفي وغيرها ارباحا ضخمة في هذا الموسم.
وكثير ما يشاهد الامريكيون هنا وهم يتسوقون وقد دمعت عيونهم واحتقنت انفوهم وهم يهرشون في أجسادهم ويعطسون بشكل انفعالي، وإذا نظرت إلى شخص في هذه الحالة ابتسم إليك ليشرح لك قائلا “إنها الحساسية”.
وعلى الرغم من تحسن الجو وارتفاع درجات الحرارة نسبيا، يخرج الكثير من الأمريكيين لقضاء أوقات خارج المنازل التي ارتبطوا بها خلال معظم موسم الشتاء الشديد مما يعرضهم لنسبة اكبر لحبوب اللقاح وروائح الزهور والاشجار القوية التي تثير بعضها اعراض الحساسية المزعجة.
ويبلغ من شدة انتشار حبوب اللقاح انه في بعض الولايات خصوصا في جنوب شرق الولايات المتحدة أن طبقات سميكة من حبوب اللقاح صفراء اللون تغطي السيارات والنوافذ الزجاجية احيانا. ويضطر أصحاب المطاعم التي بها موائد في الهواء الطلق أن يعيدوا مسح موائدهم طوال اليوم للتخلص من حبوب اللقاح المتراكمة.
ويزداد الأمر سوءا إذا لم تمطر السماء حيث أن المطر يقوم بغسل حبوب اللقاح كمنقي للجو.
هذا وتزداد الحساسية في الولايات المتحدة، التي يبلع عدد سكانها 313 مليون نسمة، بشكل كبير عن دول أخرى نتيجة انتشار الغابات والأحراش والأشجار والحشائش بكثافة حتى في الأماكن المدنية.
وفي منطقة واشنطن العاصمة، والتي تشمل أجزاءا من جنوب ولاية مريلاند وشمال ولاية فرجنيا، تنشر الأشجار والحشائش والازهار بشكل مكثف حتى أن الأشجار تغطي بشكل كامل على بعض المنازل العائلية المكونة من طابق أو أثنين.
وينصح الأطباء من يعاني من الحساسية بتقليل أنشطتهم خارج المنازل في الصباح وهي الفترة التي تزيد فيها نسبة حبوب اللقاح في الجو.
وتقول الطبيبة ليسا هاتو المتخصصة في أمراض الحساسية انه يتعين “ارتداء كمامة” عند القيام بأية أعمال في حدائق المنازل وان يتم تغيير الملابس بعد العودة من الخارج والاستحمام فورا عند العودة للتخلص من الحبوب العالقة.
هذا ويتهم بعض العلماء ظاهرة الاحتباس الحراري بالوقوف وراء ازدياد حدة الحساسية نتيجة أن ازدياد حرارة الجو التي تساعد هذه النباتات في انتاج حبوب اللقاح التي تهيج اعراض الحساسية الأنفية. إذ وجدت بعض الأبحاث أن نسبة حبوب اللقاح تزيد مع زيادة الحرارة.
ويقول العلماء هنا أن موسم حبوب اللقاح كان يبدأ في بداية السبعينات من القرن الماضي في شهر مايو/آيار أما الآن ونتيجة الارتفاع الحراري فإن الموسم يبدأ هنا في شهر مارس/آذار.
وتقول معاهد الأبحاث الأمريكية أنها تستخدم الآن صور من الأقمار الصناعية لمتابعة سحب هائلة وضخمة من حبوب اللقاح وهي تتنقل بين الولايات.
هذا وقد نقلت بعض المحطات التليفزيونية تقريرا لكلية الصحة العامة في جامعة هارفارد الأمريكية يثبت أن التغير المناخي لا يزيد فقط من نشاط النباتات التي تنتج حبوب اللقاح وإنما يزيد من ثاني أكسيد الكربون في الجو وانه هذا الغاز بدوره يزيد من نسبة حبوب اللقاح في الجو.
هذا ويقدر المركز القومي للإحصاءات الصحية أن أكثر من 19 مليون بالغ وحوالي 7 ملايين طفل يعانون من أمراض الحساسية في أمريكا.
Aina/mk/ca/dk/2012